فلسطين أون لاين

بعد مشاركة مواطنين إماراتيين وبحرينيين في احتفالات تلمودية

تقرير محللان: مشاهد التطبيع الشعبي مع الاحتلال صنيعة مخابراتية مقصودة

...
إماراتي يستقبل عائلة (إسرائيلية) في منزله (أرشيف)
غزة/ صفاء عاشور:

تسببت مقاطع نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لمشاركة عدد من الشخصيات الإماراتية والبحرينية لبعض الإسرائيليين في احتفالاتهم وأعيادهم، بحالة من الغضب والسخط في صفوف الشعوب العربية.

بينما كان الرهان الأكبر لدى الفلسطينيين على هذه الشعوب في إبقاء جذوة التضامن مع القضية الفلسطينية، فإن هذا الرهان أصبح مهددًا بعد أن شارك بعض الشباب العرب في زيارات تطبيعية إلى دولة الاحتلال.

مشاهد موجهة

المحلل السياسي د. عصام عدوان أوضح أن كل المشاهد التي تُصدَّر للإعلام هي صنيعة مخابراتية تعمل على تصوير مشاهد قد تبدو تلقائية وطبيعية للمشاهد العربي ولكن في النهاية هي مشاهدة مرتبة ومهندسة بطريقة مدروسة.

وبين في حديث لـ"فلسطين" أن الهدف من نشر مثل هذه المقاطع هو إيصال رسائل للشعوب العربية عن شكل التطبيع مع الاحتلال، ومن ثم يجب تحذير الشعوب العربية من التساوق مع هذه الحركات البهلوانية المصطنعة، لأنها لا تعبر عن ضمير الأمة العربية الإسلامية أو الإنسانية.

وقال عدوان: "إن هذه المشاهد هي مشاهد شاذة، فمن يحتفل باحتلال قتل من الشعوب العربية ما قتل؟ وكيف يمكن عدُّهم أصدقاء؟"، لافتًا إلى أن من يحتفل بدولة محتلة لشعب مضطهد مشرد يعاني الأمرين فهو صاحب نفسية مريضة ونازية ترغب بإيقاع الأذى بالآخرين.

وأضاف: "لا يمكن الجزم بأن هذه المشاهد تعبر عن مشاعر الشارع العربي بل هي صنيعة أيدٍ عربية بأيدي أنظمتها الحكومية".

ونبه عدوان إلى أن الأنظمة العربية وعلى رأسها الإمارات هي أنظمة قمعية تستعبد شعوبها وتعذبها إذا خالفتها في الرأي أو في السياسة، والكثير من أهالي الشعوب العربية وخاصة في دول الخليج لا يجرؤون على الحديث علنًا عن رأيهم ودعمهم للقضية الفلسطينية.

وذكر أن كل الشعوب العربية هي ضد الاحتلال حتى وإن غاصت أنظمتها السياسية في وحل الخيانة والعمالة والتنسيق الأمني العميق مع الاحتلال.

ولفت عدوان إلى أنه أُجري استطلاع رأي في وقت سابق على الشارع الخليجي، فكانت الغالبية الساحقة ضد التطبيع وضد ما قامت به الإمارات والبحرين من معاهدات سلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، موضحًا أنه لا يمكن التغاضي عن هذه النتائج والحديث فقط عما ينشر من فيديوهات لمطبعين وتعميمها.

ثقافة الشعوب

من جهته، يرى الكاتب الفلسطيني المختص في الشأن الإسرائيلي د. سعيد بشارات، أن ثقافة الشعوب العربية نابعة مما تغرسه في عقولها الحكومات العربية على مدار سنوات مضت.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "إن ما نراه في الوقت الحالي من تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي هو نتيجة طبيعية لخضوع الشعوب، وما يحدث في الإمارات حاليًّا هو سقوط لأقنعة الخجل التي كانت تدعيها في أوقات سابقة ورضاها عن الواقع الفلسطيني الحالي".

وأضاف بشارات: "إن قيادة السلطة الفلسطينية التي من المفترض أن تمثل الشعب الفلسطيني في قضيته هي قيادة مفرطة في التنسيق الأمني مع الاحتلال وتقمع شعبها إن خالفها في الرأي، ولذلك فإن الحكومات العربية سارت عن نفس النهج وأقنعت شعوبها بأن هذا أمر طبيعي".

وأشار إلى أن العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي بدأت تتجذر خاصة بعد أن أعطى الفلسطينيون الموافقة على اتفاق أوسلو في 1993، والآن الشبان الإماراتيون الذين لم يعيشوا أي حروب مع الاحتلال أو يخوضوها، فهم ليست لديه مشكلة في التطبيع والتعامل معه.

وأردف بشارات: "كما أن هناك أعدادًا كبيرة من المواطنين العرب الذين يعيشون في داخل الكيان الإسرائيلي دون أي مشكلات وليس لديهم أي مانع من التعامل مع دولة الاحتلال كأنه مواطن إسرائيلي وليس عربيًّا".

وذكر بشارات أن كل الشعوب العربية لا تستطيع مواجهة حكوماتها حتى وإن كانت هناك مساحة من الحرية في الحديث عن الاحتلال ورفع الشعارات ضده عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

مشاركة مرفوضة

في السياق ذاته، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين في تصريحات صحفية لإحدى الإذاعات المحلية: "إن مشاركة إماراتيين وبحرينيين المستوطنين في الاحتفال بما يُسمى "عيد الحانوكاه" في المسجد الأقصى هو أمر مرفوض تمامًا".

وأضاف: "كل هذه المظاهر ومحاولات تطبيق صفقة القرن لن تؤثر بحال من الأحوال في الفهم لمدينة القدس وموقعها في نفوس أهلها وأحبائها والمدافعين عنها والمرابطين فيها".

وأكد حسين أن كل القضايا التي نشأت بعد صفقة القرن هي في صميم تطبيقها والتجاوب معها، مشددًا على أن التعاطي مع صفقة القرن "محرم وممنوع شرعًا" لكونها تجاوزت على حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ومقدساته.

وشدد على أن كل الذين ذهبوا لتطبيق صفقة القرن قفزوا عن كل الأحكام الدينية والقيم الأخلاقية وحتى أصالتهم العربية ويقعون في إثم تطبيق صفقة جائرة وظالمة بحق الشعب الفلسطيني.