كان انتخاب إسماعيل هنية قائدًا لحركة حماس خلفًا للأخ خالد مشعل تطورًا طبيعيًا يتفق مع اللوائح المنظمة لأوضاع حركة حماس الداخلية، حيث انتهت المدة القانونية التي تبيح لرئيس الحركة رئاستها لدورتين متتاليتين. قلنا إنه تطور طبيعي لأن الإعلام العبري حاول أن يصور انتخاب هنية ضمن صفقات محددة داخليا مع يحيى السنوار والقسام، وكأن القسام هو الذي جاء بهنية لهذا المنصب، وهو كلام باطنه التحريض أكثر من البحث عن الحقيقة الموضوعية.
لم تبدِ الصحف العربية اهتمامًا كبيرا بالحدث، بينما أبدت الصحف العبرية اهتماما كبيرا به حيث اعتبرت "يديعوت " أن قيادة حماس في قطاع غزة تمكنت من السيطرة على مراكز صنع القرار داخل الحركة، وقالت: إن كتائب القسام الجناح العسكري للحركة أصبحت أكثر قوةً مع وجود يحيى السنوار في قيادة المكتب السياسي بغزة وإسماعيل هنية على رأس هرم المكتب السياسي العام للحركة، ووفقًا للصحيفة، فإن هنية تلقى خلال الانتخابات دعمًا كبيرًا من القسام، بمقابل أنه سيعمل على تعزيز قوة الجناح العسكري؟!
هذا كلام مرسل من صحيفة يمينية تتخذ من التحريض مادة لها؟!، فليس في آلية الانتخاب في حماس ما يسمح بمثل هذه الصفقات، والفكرة العبرية القائمة على أن السنوار رجل القسام، ورجل عسكري، أيضا فكرة مرسلة لا تقوم على بينة، فالرجل يعمل في الضوء وفي السياسة، ومن الطبيعي أن يكون هناك تفاهم جيد بين هنية والسنوار، وبين هنية وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق فهم جميعًا قيادات في تنظيم متفاهم ومترابط. ومن الطبيعي أن يستمر أبو مرزوق في قيادة الحركة في الخارج، إذا بقي هنية مقيمًا في غزة، وبهذا يتكامل أداء الحركة بين الداخل والخارج.
نعم هنية رجل براغماتي ومتوازن ولا يحبذ التسرع في الخصومة مع الآخرين، أو التسرع في نقض التهدئة والخروج إلى حرب واسعة النطاق، يمكن أن نعرف بدايتها ولكن لا يمكن تخمين نهايتها، وليس في حماس صقور وحمائم ؟! إن في حماس مؤسسة تعمل معا بتوافق، وتتخذ قراراتها بالأغلبية، وهناك سمع وطاعة تزيد التنظيم ترابطًا وتفاهمًا.
إن هنية يتولى منصبه في ظروف صعبة ومعقدة، فعلية تقع مسئولية فتح آفاق خارجية للحركة تخفف عنها الحصار الذي تعيشه منذ عشر سنوات، وربما ما جاء في وثيقة حماس الأخيرة ما يفتح له الباب في مصر وغيرها من البلاد، وأمامه ملف المصالحة الذي ما زال يراوح مكانه، وأمامه إجراءات عباس الأخيرة، وما قد يتولد عن ضغوط نتنياهو على عباس في ملف الأسرى والجرحى والشهداء. القيادة في النهاية توكلٌ على الله وثقة بالنفس، وزرع أمل في نفوس الناس بالتغيير نحو الأفضل.