فلسطين أون لاين

كلمة غريبة

...
آلاء مهنا

أختي!، كلمة غير مألوفة لي وغريبة علي، وشعوري معها أيضًا يختلف عن كل الكلمات الموجودة في العالم، ببساطة شديدة لأنني لا أمتلك أختًا.

ترتيبي السابع والأخير بين إخوتي أي (آخر العنقود)، فلقد كان مجيئي على هذه الحياة معقدًا بعض الشيء، فأمي صممت على أن تستمر بالإنجاب حتى تحصل على فتاة حتى تكون ابنتها المدللة ورفيقتها الحقيقية.

فكانت تكثف دعاءها في ظلمات الليل ليستجيب الله لها، وليست وحدها التي كانت تدعي، فلقد وصّت جميع صديقاتها بالدعاء لها، إلى أن تحققت أمنية أمي بعد 10 سنوات من الزواج.

وقررت أمي أن تتوقف عن الإنجاب بعد مجيئي على الحياة مباشرة، وحين كبرت قليلًا وبدأت أفهم الأشياء البسيطة حولي كنت أشعر بالغيرة من كل صديقات الحي اللواتي كنت ألعب معهن، فجميعهن يمتلكون أختًا إلا أنا.

صحيح أنني كنت ألعب مع إخوتي، ولكن لم يكن ذلك الوقت معهم كافيًا لإشباع رغباتي لأن اهتماماتي مختلفة عن اهتماماتهم، فكنتُ أشعر بالنقص، ودائمًا كان بالي مشغولًا وأسرح في أختي التي لم تولد: "يا ترى لو أن لي أختًا كيف سيكون شكلها؟، ومن ستكون الأجمل أنا أم هي؟، وماذا كنا سنلعب معًا؟ ... وغيرها أسئلة كثيرة تثير فضولي عن أختي الخيالية.

في يوم من أيام طفولتي الصغيرة قررتُ أن أطلب من أمي أن تُنجب فتاة لأجلي، وجاوبتني أمي بكلامٍ لطيف جدًّا: "أنا أمك وأختك وصديقتك وكل شيء لك، فلمَ تحتاجين لأخت؟!".

صحيحٌ أن ردها كان رفضًا لطلبي، لكنه كان رائعًا في وصفها لعلاقتنا، ومنذ تلك اللحظة أنا وأمي صديقتان مقربتان.

ولقد تعاهدنا على أن نحل مشاكلنا معًا، وأن أي صعوبات أواجهها في حياتي تكون أمي هي الخيار الأول لأروي لها المشكلة ولتعطيني حلًّا، وطمأنتني أن أي مشكلة تقع معي ستتفهمها وستعطيني النصيحة، ولكن بشرط أن أطبق تلك النصيحة.

والآن كل شيء اختلف، تلك الطفلة كبرت وما عادت تُفكر أن يكون لها أخت، وجود أمها الدائم وصديقاتها يُكفيها.

ولي صديقة مقربة جدًّا مني، كأخت حقيقية لي بل أكثر من ذلك، أشعر بالامتنان الشديد لها ولكل الأوقات التي جمعتنا معًا.

ثق تمامًا أن الله يأخذ منك شيئًا ويعطيك شيئًا آخر أفضل منه، فلقد حرمني الأخت ولكن عوضني خيرًا بأمي المتفهمة تصرفاتي الطائشة وفتح قلبها لي كصديقة مقربة؛ فهذا وحده نعمة كبيرة أهداها إلي الله (عزّ وجل)، حتى إن أي شخص يرانا معًا يستغرب علاقتنا، كيف أنني وأمي نمزح ونضحك معًا براحةٍ تامة.

فلو ربنا (عز وجل) أكرمني بأخت قد كان من الممكن أن يحرمني تلك العلاقة الجميلة والفريدة من نوعها مع أمي، أو قد حرمني منها إطلاقًا، لا قدّر الله.

وهكذا الحياة، كما أن لديك أشياء ثمينة هناك ما لا يمكنك امتلاكه، وذلك اسمه القدر الذي يتحكم بنا.

فثق أن الله هو العدل ويتمنى لك الخير "وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ" (البقرة:216)، وأنا متيقنة تمامًا أنه يوجد شيء لديك أنت أيضًا يميزك من غيرك، قد تكون غير مكتشفٍ إياه إلى حد الآن؛ ففكر جيدًا بحياتك وستجده.

لأننا حين ننغمس في أشيائنا السيئة ننسى أن لدينا الكثير من الأشياء الرائعة، ونرى حياتنا بلون واحد وهي مليئة بالألوان.