فلسطين أون لاين

ماهر.. لاجئ تحدى المعاناة ليحقق حلمه بـ"السباحة والغوص"

...
غزة/ هدى الدلو:

عند الساعة الواحدة ليلًا أبلغ بسقوط إحدى الحافلات في نهر النيل، كان هناك لهدف تعليمي وهو الحصول على دورة في الإنقاذ البحري، لكنه لم ينتظر التفكير، فحمل هو وفريقه الأدوات والمعدات على الزوارق ليستجيبوا لنداء الضحايا، غير آبه ومن معه بخطورة الملاحة في نهر النيل أو أنهم ضيوف على مكان.

اللاجئ الفلسطيني ماهر أبو مرزوق (43 عامًا) ولد في العاصمة اللبنانية بيروت، وتنحدر أصول آبائه وأجداده من قرية يبنا المدمرة، ويوجد حاليًّا في مدينة غزة بعد لجوء وتهجير للعديد من الدول، يرى أن الموت والحياة يرتبطان بهامش بسيط لا يعلم مقداره سوى من رصده بعينه لشخص نجا بصعوبة.

منذ أن كان طفلًا صغيرًا كان يرافق والده في زياراته إلى شواطئ بيروت، وبعكس كثير من الأطفال كسر حاجز الخوف، فكانت تغريه تلك المسطحات المائية، ويتذكر أنه من سن ست بدأ ممارسة رياضة السباحة.

يقول لصحيفة فلسطين: "في تلك السن لم أتمكن من تطوير مهارتي في السباحة، أو الالتحاق بدورات تدريبية، بل اعتمدت على التدريب الذاتي، خاصة أننا لم نكن مستقرين في دولة معينة، فانتقلنا من بيروت إلى تونس ثم إلى مصر".

ويضيف: "وإلى جانب ذلك أن السباحة لم تكن في ذلك الوقت مطروحة نوعًا من الرياضة، ولكن الفارق الذي أحدث نقلة في حياتي أني شاركت في أثناء وجودي بمصر في بطولة السكة الحديدية، وكنت أول شبل يفوز في المسابقة".

صوت الهاتفين وتصفيق المشجعين في المسابقة كانا حافزين لأبو مرزوق على الالتحاق بمسابقة أخرى والتسجيل في بطولة الجمهورية، وعندما علموا أنه فلسطيني كاد يحرم المشاركة، لكن حاز فيها المركز الثالث.

ومن هنا بدأت تتعزز مهاراته الرياضية، ويكرسها في متابعة بعض المراكز الرياضية، والبحث في المياه، وما وراء البحار وأعماقها، وبدأ مشواره في التطوير، مع أن عدم استقراره في بلد معين حرمه تلقي التدريبات المناسبة، والاستمرار في بطولاته، ومع ذلك كان له الأثر الإيجابي في اكتساب المزيد من المهارات، وثقافات جديدة.

ويشير أبو مرزوق إلى أن ظروف التنقل بين الدول حرمته الدراسة الجامعية، ولكنه حاول تعويض ذلك بتلقي العديد من الدورات التدريبية في مجالات مختلفة، وأبدع في تطوير نفسه بالتدريب والممارسة، وخاض العديد من التحديات في حياته ليصبح نموذجًا محفزًا لغيره من الأطفال والشباب.

ومع قدومه إلى غزة عام 1994م عمل على نقل تجربته إلى الأجيال القادمة، وسعى حينها إلى غرس ثقافة رياضة السباحة والإنقاذ والغوص داخل المجتمع الفلسطيني، وصقل الرياضات المائية بمختلف مجالاتها، وذلك بإنشائه قسم الإنقاذ البحري لتأهيل وتدريب المنقذين.

ودرب أبو مرزوق العديد من الأطفال على السباحة بهدف تطوير مواهبهم، خاصة الأطفال من ذوي الإعاقة، "وبذلك ساهم في نشر ثقافة الرياضات المائية في فلسطين وخارجها"، كما يقول.

ويبين أنه نشر الكتب الخاصة في مجال التعليم والسباحة والإنقاذ، وشكل وحدة خاصة بالإسعاف الأولي، وأخرى بحماية البيئة، واستقطب الشباب لصقل مهاراتهم في النشاطات البحرية، وفتح الآفاق لرياضات جديدة.

وحاليًّا يسعى أبو مرزوق إلى التحضير لزيارات متبادلة بين البلدان، "فهذه المبادرة تستحق الدعم والإسناد للاستمرار، لا سيما أنها الأولى من نوعها إقليميًّا ودوليًّا".

وحصد أبو مرزوق العديد من الجوائز والبطولات في السباحة، ويطمح أن يصل إلى العالمية بمبادرة "غواصي الخير المتطوعين" التي أطلقها العام الماضي، وأن تصبح مدرسة أنشأها لتعليم السباحة والإنقاذ والغوص منظمة رياضة فلسطينية عربية دولية.