قطار التطبيع بين قادة العرب وقادة دولة الاحتلال الصهيوني لم يبدأ في عهد نتنياهو وعهد ترامب. القطار بدأ قبل ذلك بقرون طويلة. آخر الأخبار التي فجعت القضية الفلسطينية علنا إعلان دولة المغرب العربي التي ترأس قيادتها لجنة القدس التطبيع مع دولة (إسرائيل) قبل مغادرة ترامب البيت الأبيض.
وسائل الإعلام العبري تحدثت عن بدايات قديمة لهذه العلاقة المعلنة، حيث نشرت صورة ليهود باراك وهو في قصر ملك المغرب الراحل، وفي حضور ملك المغرب الحالي محمد، وهو في الخامسة عشرة من العمر. ومن المعلوم لنا ولغيرنا أن في قصر الملك يهود مغاربة في مواقع مختلفة، وأن الجالية المغاربية اليهودية تزور دولة (إسرائيل) وتعود للمغرب، ولكن العلاقات الرسمية كانت تقبع تحت الطاولة الملكية، إلى أن جاء زمن الإعلان الذي تم قبل يومين.
وتتحدث وسائل الإعلام العبرية أن غابي أشكنازي كرم أمس عشرين دبلوماسيا عملوا في الإمارات والبحرين منذ عشرين عاما، وأسهموا إسهامات جيدة في تطبيع العلاقة والوصول لاتفاق أبراهام. الرقابة الحكومية سمحت بالإعلان عن التكريم، ولكنها لم تسمح بنشر أسماء المكرمين لأسباب أمنية.
في العقود الخمسة السابقة كنا نرفع مع هذه الدول وتلكم القيادات العربية، شعار الأمة الواحدة، والثورة الواحدة من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، واليوم يتبين للفلسطينيين أنه لم يكن ثمة ثائر ولا هادر، لا في الخليج ولا في ساحل المحيط، وأن الجميع كان يأكل بالقضية الفلسطينية، وكنا نحن في فلسطين نعيش الإعلام والأحلام، ونحسب أن العرب سيحررون فلسطين، ويستعيدون القدس، ويعيدون اللاجئين!
قطار التطبيع كان في المغرب قبل أربعة قرون، وفي الإمارات والبحرين قبل قرنين، وهو يسير الآن متجها لإندونيسيا شرقا، وإلى نيجيريا غربا، وقد تركبه على وجه السرعة قبل نزول ترامب من البيت الأبيض عمان، وربما قطر، بحسب تسريبات عبرية، ولا أظنه سيتوقف بدخول بايدن للبيت الأبيض. وأنا لا أستبعد أن تركب القطار دول أخرى عربية وإسلامية كبيرة، والمسألة مسألة وقت لا أكثر.
ما الذي حلّ بالقضية الفلسطينية؟! نعم، تعرضت القضية لأكبر وأطول خيانة عربية. القضية عاشت قرونا طويلة تكرر عزمات قادة العرب على تحرير فلسطين وإعادة اللاجئين وحفظ الحقوق في الظاهر، وبينما كانت هذه القيادات وعلى طول الفترة الطويلة الماضية على تواصل حميم وتفاهم يقبل النمو والتقدم مع قادة (إسرائيل) بشكل غير معلن، إلى أن جاء زمن الإعلان عن حركة قطار التطبيع وزمن وصوله لكل محطة عربية. لماذا خدعونا وعشمونا بما هم به كافرون؟! من المحيط إلى الخليج تطبيع وهدم!