يرسم الفلسطيني علّام الأغا، المتخصص في صناعة العيون البديلة (الزجاجية)، الشعيرات الدموية الدقيقة على العين، التي أنهى لتوّه صناعتها داخل مشغله، في مستشفى الخدمة العامة (غير حكومي)، بمدينة غزة.
وحتّى تصل إلى شكلها النهائي، مرّت تلك العين بعملية، يصفها الأغا بـ"المعقّدة"، حيث ستكون من نصيب شخص فقد عينه، من جرّاء العدوان الإسرائيلي المتكرر على القطاع.
وتموّل وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا"، مشروع صناعة وتركيب عيون اصطناعية، لعشرة أشخاص، ممن فقدوا أعينهم بفعل جرائم الاحتلال، والذي تنفّذه جمعية السلامة الخيرية لرعاية الجرحى وذوي الإعاقة.
هذه العيون، تُعيد المظهر الطبيعي، وتضفي الجمال على وجوه الفلسطينيين، الذين عانوا هذه الإعاقة البصرية، من جرّاء الانتهاكات الإسرائيلية.
وبحسب "السلامة الخيرية" فإن عدد الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم بسبب القصف الإسرائيلي على غزة (لم تحدد الفترة الزمنية) يقترب من 300 جريح.
ويشير الأغا إلى أن "زراعة العيون الاصطناعية في فلسطين، تعتبر ضرورة ملحة"، خاصة في ظل الجرائم المتكررة للاحتلال.
ويضيف أن عملية إنتاج "العين الاصطناعية تمر بعدة مراحل للوصول إلى الشكل النهائي للعين، كي تكون متوافقة مع شكل العين الأُخرى، ومناسبة للمحجر".
وعن مراحل التصنيع، يقول الأغا "بعد مرور أقل من شهر على الإصابة، وإفراغ العين، يتم أخذ بصمة للعين، ثم إنتاج القزحية بعد تحضير النموذج التجريبي لتتناسب مع نظيرتها الأخرى، مع إضافة ألوان متناسقة وشعيرات دموية، وأخيراً البدء بعملية الطلاء بمادة الأكريلك الشفافة (بلاستيكية)، لحمايتها من التغيرات".
وتُصنّع كامل العين الاصطناعية باستخدام "مادة الأكريلك، كونها تعتبر من المواد الآمنة للعين، ولا تتفاعل مع البيئة المحيطة ولا تسبب أي حساسية أو آثار جانبية للعين"، وفق الأغا.
ويشير إلى ضرورة "تدريب الأشخاص المستفيدين من عملية الزراعة، على إزالة وتركيب العين بأنفسهم، إلى جانب الطريقة الصحيحة لتعقيمها لحمايتها من التلف".
وقال عبد الله الحجار، نائب مدير "السلامة الخيرية" إن هذا المشروع جاء كاستجابة إنسانية عاجلة من قبل وكالة "تيكا" التركية، لزراعة عيون اصطناعية للمصابين الذين فقدوا أعينهم بسبب جرائم الاحتلال.
وأضاف الحجار أن التمويل الذي قدمته وكالة "تيكا" لمشروع زراعة العيون الصناعية، هو "للتخفيف من معاناة هذا الجرح البشري".
وأوضح أنه نظرا لزيادة عدد الذين فقدوا أعينهم لـ"أسباب مختلفة، فإن هذا المشروع يعد من البرامج الأساسية التي تنفذها الجمعية سنويا".
وأشار إلى أن "تيكا" تعدّ من أكثر المؤسسات التي "تتعامل مع ذوي الإعاقة، كونها تخصص بعض مشاريعها لدعمهم وإعادة دمجهم في المجتمع الفلسطيني".
وتقدّم الحجّار بالشكر للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ووكالة "تيكا" على جهودهم الكريمة والسخيّة في دعم ذوي الإعاقة.
فرحة كبيرة
الفتى الفلسطيني راني البهنساوي (15 عاما)، يشعر بفرحة كبيرة، بعدما نجح بتركيب بديل اصطناعي، لعينه المفقودة عام 2019.
وقال البهنساوي إنه فقد عينه اليُسرى برصاص الاحتلال أثناء مشاركته في "مسيرات العودة" قرب الحدود الشرقية لمخيم البريج وسط القطاع.
وأشار إلى أن عائلته تعجز عن توفير عين اصطناعية له على حسابها الخاص، حيث تصل تكلفة العين الواحدة نحو "ألف دولار أمريكي".
وتقدّم الفتى الفلسطيني بالشكر للرئيس والشعب التركي، ومؤسسة "تيكا" على جهودهم في توفير الدعم لهم.
وقال إياد الهليس المدير الطبي لمستشفى العيون التخصصي لجمعية "الخدمة العامة"، إن معظم الجرحى، الذين فقدوا أعينهم نتيجة الهجمات الإسرائيلية على غزة، هم من فئة الشباب.
وأوضح الهليس أن زراعة العيون الاصطناعية لتلك الفئة "مهم جدا على المستويين الطبي والنفسي".
وأكد الهليس أنه من الناحية الطبية، فإن تركيب هذه العين له تأثير في إعادة تشكيل محجرها، أما من الناحية النفسية فهي تُهيّئ الشخص للعودة إلى ممارسة حياته الاجتماعية كما كانت عليه من قبل دون الشعور بالاختلاف عن الآخرين.