حنان عشراوي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والمسؤولة عن ملف العلاقات الدولية فيها، والوزيرة السابقة، تؤكد ما قلتُه في مقالات سابقة حول أزمة النظام الفلسطيني، وأزمة الحكم الفلسطيني، حيث تتمثل هذه الأزمة في تفرّد الرئيس محمود عباس، رئيس السلطة، ورئيس المنظمة، ورئيس فتح بالحكم وبالقرار الفلسطينيَّيْن، ومن ثم تغييب المؤسسة الفلسطينية الموجودة شكلا، الميتة موضوعا وحكما.
عباس هو صاحب القرار الأول والأخير في كل زوايا القضية الفلسطينية، بدءا من الوظيفة والراتب، ونهاية بالمفاوضات، والتنسيق الأمني، والعلاقات العربية والدولية، والمصالحة والانتخابات، والعلاقة مع غزة، ومع الأسرى والمعتقلين.
عباس يحكم ويقرر ولا معقب لحكمه وقراره، وحتى حاشية عباس المقربة منه، وهم جماعة قليلة العدد، ومعروفون بالاسم للمواطنين، حتى هؤلاء لا يغيرون من قرار عباس شيئا، مهما بدا لهم التغيير مهما، بل هم يتسابقون في تزيين قراراته، وإبرازها وكأنها اختراق لا مثيل له لحجب المستقبل.
عباس قرر وقف التنسيق مع الإدارة المدنية، وقرر عدم أخذ أموال المقاصة، وعباس قرر وحده العودة للتنسيق، والعودة لاستلام أموال المقاصة، وما كان قرار للمجلس المركزي لفتح، وللمجلس الوطني، وللفصائل وللشعب ألغاه عباس بقرار فردي دون التفات للمؤسسات وللفصائل وللشعب أيضا!
نعم تحدث التيار الإصلاحي لحركة فتح الذي يقوده دحلان كثيرا عن تفرد عباس ودكتاتوريته، ولكن كلام التيار لم يكن مقبولا لأنه في نزاع مع عباس، ولأنهم يوما ما كانوا جزءا من منظومة عباس الحاكمة، وممن يزينون له قراراته، لا سيما المعادية للفصائل الأخرى. ولكن اليوم لدينا صوت سياسي مقرب من عباس، ولا ينازعه القيادة، أعني به صوت حنان عشراوي التي قدمت استقالتها من المنظمة وكشفت عن أسباب الاستقالة، وهي أسباب لا تخرج عن اتهام عباس بالتفرد والحكم الفردي وتهميش المؤسسة الفلسطينية.
تقول عشراوي:" لقد آن الأوان لإجراء الإصلاحات المطلوبة وتفعيل منظمة التحرير، وإعادة الاعتبار لصلاحياتها ومهامها واحترام تفويض اللجنة التنفيذية التي تعاني التهميش وعدم المشاركة في صنع القرار، ولا بد من تداول السلطة ديمقراطيا عن طريق الانتخابات، فالنظام السياسي الفلسطيني بحاجة إلى تجديد مكوناته ومشاركة الشباب: نساء ورجالا، والكفاءات في مواقع صنع القرار، والأمانة تتطلب أن يتحمل كل شخص مسئولياته". فهل يحتاج الشعب إلى بيان أوضح من بيان عشراوي هذا ليطالب بحقوقه الدستورية "الشعب مصدر السلطات"؟!