فلسطين أون لاين

بالدمى والقصص توصل "بانياس" الإنجليزية للأطفال عن بعد

...
128710098_197095081914245_2499950937693012617_o.jpg
غزة/ مريم الشوبكي:

 

تلبس بانياس دمية حصان تحركها بأصابعها وبنبرة صوت تتماشى مع الشخصية تشرح درسًا للغة الإنجليزية وهي تمسك كتابًا بيدها الأخرى، والأطفال خلف شاشة "لاب توب" يتفاعلون معها ويرددون خلفها بعض الكلمات.

ثم تروي قصة "ذات الرداء الأحمر"، تغير طبقة صوتها عند انتقالها من أداء شخصية إلى أخرى، يسود الصمت خلف شاشة الحاسوب، عيون الأطفال شاخصة، تترقب إلى ما ستؤول أحداث القصة.

بانياس أبو حرب (27 عامًا) مدرسة لغة إنجليزية من مدينة غزة، حاصلة على بكالوريوس آداب لغة إنجليزية، ودبلوم تربية لغة إنجليزية أيضًا، اتجهت أخيرًا إلى التعليم الإلكتروني بسبب جائحة كورونا التي حلت بقطاع غزة.

بانياس تُعلم الإنجليزية للكبار والصغار، ولكن شغفها الأكبر هو تدريسها للأطفال، تقول لصحيفة "فلسطين": "لدي موهبة التعامل مع الأطفال، مطلعة على أسس تربية الطفل في مراحل نموه المختلفة، أطبق ما أقرؤه عمليًّا على أرض الواقع".

تضيف: "منذ خمسة أعوام أعلم الإنجليزية وجاهيًّا، ولكن بعد جائحة كورونا فقدت عملي، وبذلك توقف مصدر دخلي".

دخول عالم التعليم الإلكتروني كان بدافع من زوجها، حينما بدأت تشعر بالاكتئاب وتتضارب الأسئلة في عقلها: "ماذا بعد؟!"، شجعها على استثمار مواقع التواصل الاجتماعي والعمل عن بعد، وبالفعل نجحت في الوصول إلى طلاب في خارج فلسطين من تركيا والأردن وغيرهما.

وتتابع بانياس: "كورونا أثرت إيجابًا على حياتي إذ منحتني الوقت في تطوير نفسي والقراءة والمطالعة أكثر في الطرق الحديثة لتربية وتعليم الأطفال، وتعمقت في طريقة تعلم مونتيسوري (ذات علاقة بمراقبة النظام البيولوجي لنمو الأطفال بهدف تصميم منهج تعليمي يراعي الإمكانات والخصوصيات الفردية لكل طفل، ويتجلى أساس هذه الطريقة في توفير وسائل التربية الذاتية في بيئة الطفل، ويشترط فيها أن تكون طبيعية قادرة على إثارة اهتمام الطفل)".

في البداية اصطدمت بانياس بقلة المقبلين على تعلم الإنجليزية إلكترونيًّا، فوعي مدى فعالية هذا الأمر لم يصل عند بعضٍ إلى الدرجة الكافية لديهم، كما تقول.

دخلت بانياس التعليم الإلكتروني دون وجود خلفية مسبقة، فبدأت تدريسهم من طريق السبورة  وهم يشاهدونها خلف الشاشات، ولكنها لاحظت تسلل الملل إلى نفوسهم، لمرور ساعة على تلقيهم الحصة دون أي محفز أمام الشاشة.

القصة وسيلة ممتعة

فكرت بانياس خارج الصندوق، واتجهت نحو اتخاذ القصة طريقة لتوصيل المعلومة إلى طلبتها، وخدمها في ذلك خلفيتها وخبرتها السابقة في رواية القصص باللغتين العربية والإنجليزية.

وبالتجربة والبرهان وجدت بانياس أن القصة وسيلة ممتعة استطاعت بها جذب الأطفال، وجعلتهم في انتباه دائم لشرحها.

لم تتوقف إبداعاتها في تطوير أساليبها التعليمية عند رواية القصة، إنما اتجهت نحو استخدام الدمى التي تلبسها في يدها، اندهاش الأطفال بهذا النوع من الفن فاق انجذابهم لأسلوب التعلم بالقصة؛ فهو أسلوب جديد لم يمر عليهم من قبل يقوم على عرض المادة التعليمية بطريقة جذابة وممتعة.

وتبين بانياس أن أسلوب التعلم بالدمى انعكس على درجة استيعاب الأطفال وتركيزهم، حتى الأهالي لامسوا هذا التطور على أطفالهم.

ولتعلم آلية التعليم الإلكتروني وتكوين حصيلة معرفية في أساليبه وبرامجه، التحقت بانياس بدورات في هذا المجال، وتعلمت على برامج تخلق جوًّا ممتعًا على الشاشة.

نشرت بانياس صور استخدامها دمى ورواية القصص عبر صفحات التواصل الاجتماعي، هذا الأمر جذب بعض الأهالي لسؤالها عن طرق التدريس التي تستخدمها، لأنها أساليب تخرج الطفل من طريقة التعلم الروتينية التي تدخله في حالة ملل.

وتعمل بانياس عملًا دؤوبًا لتطوير أساليبها في التعليم، فهي تؤكد أن عملية التعليم هي عملية تعلم، ليستا منفصلتين، واللغة تحتاج من معلمها إلى تطوير أساليب وطرق نقل المعلومة للطالب، مشيرة إلى أن تدريس اللغة من أصعب المواد التعليمية.

تعلم الأطفال من بانياس الإنجليزية، وهم علموها التحكم في أعصابها وضبط مشاعرها، وأصبحت صبورة أكثر.

وأكثر ما تفضله هي خلال عملها ليس رفع مستواهم في الإنجليزية فقط، بل التغير الإيجابي الذي يطرأ على سلوكهم أكثر، وتواصل الأهالي معها لطلب نصائح في كيفية تعاملهم مع أطفالهم في بعض المواقف.

تطمح بانياس إلى إطلاق منصة إلكترونية خاصة بها، لتعليم اللغة الإنجليزية للأطفال والكبار على حد سواء.