تجسدت الوحدة الوطنية في إحباط شبان مقدسيين بمساعدة حارس الكنيسة محاولة مستوطن يهودي إحراق كنيسة الجثمانية، قرب جبل الزيتون في القدس المُحتلّة.
وأفشل حارس الكنيسة وشبان مقدسيون الجمعة مُحاولة أحد المُستوطنين حرق "كنيسة الجثمانية"، بعدما أقدم على اقتحامها وسكب البنزين في مرافقها، قبل إضرامه النيران في بعض المقاعد الموجودة فيها.
وقال حارس الكنيسة فادي نيقوديم: "نحن بالعادة لا نغلق أبواب الكنيسة أمام أي أحد ونسمح للجميع بدخولها، فجاء أحد المستوطنين فدخل من أمامي، وهو يحمل زجاجة اعتقدتُ أن فيها ماءً (تبين لاحقًا أن فيها كاز)".
وأضاف نيقوديم لصحيفة "فلسطين": "عندما وصل إلى داخل الكنيسة بدأ رش محتويات الزجاجة على مقاعد الكنيسة وأرضيتها، وأشعل النار وفرَ هاربًا، فسمعتُ صوت حارس آخر من زملائي يناديني ويطلب مني اللحاق بالمستوطن لأنه أحرق الكنيسة".
وتابع: "ركضت وراءه وفي هذه اللحظة لحق بي جار الكنيسة الشاب المسلم حمزة عجاج، وساهم معي في الإمساك به وثبتناه حتى جاءت شرطة الاحتلال واعتقلته".
وعد نيقوديم حريق الكنيسة اعتداء غاشمًا على أهالي القدس مسلمين ومسيحيين، وتابع: "هذا ما تجلى في يد العون التي مدنا بها أخونا عجاج، وغيره من جيران الكنيسة المسلمين الذين هبوا لنجدتنا".
وأكد الحارس أنه "لولا وجود كاميرات مراقبة في الكنيسة، ويقظة الحراس وجيراننا المسلمين؛ لحدثت الكارثة".
ولفت إلى أن جيش الاحتلال حاول أمس منع عدد من مسؤولي الطائفة المسيحية من الدخول لتفقد الكنيسة، مستدركًا: "لكن نحن -الحراسَ- وجيراننا المسلمون رفضنا ذلك وبعد مناوشات مع الجنود تمكنا من إدخالهم للكنيسة".
وأكد نيقوديم أن الفلسطينيين "شعب واحد في وطن واحد، يحمل قضية واحدة، ويواجه محتلًّا واحدًا".
أما عجاج فاعتقد ه وأقرباؤه وجود مشكلة أو شجار داخل الكنيسة؛ فسارع إلى استكشاف الأمر أو المساعدة.
وقال عجاج لصحيفة "فلسطين": "حينما وصلنا إلى الكنيسة علمنا أن مستوطنًا حاول إحراق الكنيسة، فساعدنا الحارس بملاحقته حتى أمسكنا به وسلمناه لشرطة الاحتلال، وساعدناهم على إطفاء الحريق".
وعد الاعتداء على مكان مقدس أمرًا مرفوضًا جملة وتفصيلًا، قائلًا: "لولا تدخلنا المبكر لحدثت كارثة في الكنيسة الأثرية".
اعتداء متعمد
ورأى رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر أن اختيار المستوطنين هذا التوقيت تحديدًا يحمل رسالة كبيرة، قائلًا: "الجريمة ارتكبت والعالم على بعد أيام من الاحتفال برأس السنة الميلادية التي هي مناسبة تخص كل مسيحيي العالم".
وأضاف خاطر لصحيفة "فلسطين": "إن الهدف كبير جدًّا يتمثل في الكنيسة الجثمانية التي يقال في التاريخ: (إن المسيح سلّم فيها للرومان (كسر شوكة المسيحيين)، وكأن الاحتلال أراد أن يترجم سيطرته الفعلية المبنية على اعتماد الإدارة الأمريكية القدس عاصمة لـ(إسرائيل) من هذا المكان".
وأشار إلى أن الاحتلال يحاول السيطرة على المقدسات بالاعتداءات الهمجية والوحشية، مؤكدًا أن المستوطن الذى قام بالحادثة "ليس معتوهًا، ولا يمكن أن يكون عمله فرديًّا، بل تقف وراءه منظمات صهيونية".
ولفت إلى إقدام المستوطنين على حرق عشرات المساجد في الضفة الغربية المحتلة، عادًّا حرق المقدسات سياسة عامة للمستوطنين.
وشدد خاطر على أن المخططات الإسرائيلية ستواجه بوعي وصمود وإرادة المقدسيين، وإصرارهم على المواجهة وعدم الاستسلام.
واستذكر مواقف من التاريخ تجمع المسيحيين والمسلمين في مواجهة الإرهاب اليهودي.
وأكد أن الموقف الفلسطيني الموحد مستمر حتى الآن، بغض النظر عن المكان الذي يعتدى عليه أكنيسة هو أم مسجد؛ فلا فرق بينهما.
ودعا خاطر إلى موقف دولي دفاعًا عن المقدسات، والأماكن التاريخية والمقدسية في الأراضي الفلسطينية.