فلسطين أون لاين

"ليان" من الشلل الدماغي إلى الاستعداد للبس "مريول المدرسة"

...
غزة-مريم الشوبكي:

"ماما لبسيني مريول المدرسة، أنا كبرت بديش أضل بالروضة"، أمنية تطلب ليان من والدتها أن تحققها لها وهي بسيطة لمن يسمع بها، ولكنها صعبة بعض الشيء لها، بعد تعثر إلحاقها بمدارس غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لمعاناتها من مشكلات في الحركة رغم أنها تتمتع بقدرات ذهنية كغيرها.

ولدت ليان أبو ريا في بلدة جباليا شمال قطاع غزة ولادة طبيعية في 2014، بدأت تكبر شيئًا فشيئًا وتحبو على بطنها، وفي سن الستة أشهر اختل توازنها ووقعت على السرير، وبعدها عادت والدتها لتحاول معها لتساعدها في الوقوف والحبو ولكن محاولاتها باءت بالفشل.

والدتها سناء لاحظت أن رأسها ينتفخ على غير العادة، ذهبت بها إلى طبيب أعصاب أطفال، الذي شخص حالتها بالشلل الدماغي من الأشعة المقطعية التي أجريت لرأسها، وقرر لها في نفس اليوم إجراء عملية جراحية.

لم يسعف سناء الوقت لاستيعاب صدمة مرض ليان، ولكن في هذه الساعات القليلة كان ما يهم هو إنقاذ حياتها، فأجريت لها عملية جراحية في أحد المستشفيات الحكومية، ولكن لم يطرأ على وضعها الصحي تحسن ملحوظ، كما تقول.

تضيف والدتها لصحيفة "فلسطين": "أصبحت سن ليان عامًا ونصفًا ومعاناتي معها تزداد، حتى تقرر لها عملية في مستشفى المقاصد في القدس المحتلة، وطرأ تحسن كبير على صحتها، وبدأت تستعيد عافيتها شيئًا فشيئًا".

الأم تتابع: "لم أتركها يومًا حينما أسمع عن أي جمعية أو مؤسسة تعنى بتقديم خدمات علاجية لمصابي الشلل الدماغي إلا وأتابع فيها، وآخر مركز نعم نستطيع، التابع للأطفال ذوي الإعاقة التابع لجمعية الإغاثة الطبية شمال قطاع غزة وأحضر جلسات العلاج الطبيعي التي كانت تخضع لها، وأطبق ما تعلمته على ليان في البيت حتى وصلت إلى مستوى جيد في تحريك قدميها ويديها واستعادة شيء من توازنها".

وتحلم اليوم ليان بالالتحاق بالمدرسة كابنة عمها، وحلمها يمكن أن يتحقق لأنها بعد علاج مكثف أصبحت تتقن الكتابة والقراءة، وتستطيع أن تمشي خطوات بسيطة.

وتحت إلحاح ليان الشديد توجهت والدتها سناء بالذهاب إلى تسجيلها في مدرسة الوكالة القريبة منها ولكنها تقول: إن ذلك تعذر "بدعوى عدم مواءمة المدرسة للمشكلة التي تعانيها ابنتها، والتي تحتاج إلى رعاية خاصة".

لم تستسلم والدتها، فطرقت بها مدرسة حكومية التي رحبت بليان بكل أريحية، وهذا الأمر أعاد الأمل في نفس سناء التي تحلم أن تراها تشارك أقرانها الذهاب إلى المدرسة العادية، والاندماج مع الأطفال الآخرين حتى لا تواجه مشكلات في تقبل حالتها مجتمعيًّا.

تطمح والدتها أن تصل ليان إلى مراكز علمية عليا وتترك بصمة لها في المستقبل، لتثبت أن الإعاقة ليست عائقًا أمام النجاح.

وتتوجه برسالة لكل الأمهات اللاتي رزقن بأطفال كحالة ليان: "لا تخجلي من إعاقة طفلك، بل احتضنيه وامنحيه كل الحب والعناية، لا تستسلمي، اطرقي كل الأبواب وجاهدي في توفير العلاج له، لا تملي من جلسات العلاج الطبيعي، بل ساعديه في الشفاء، بل ادعميه لأنك سيأتي اليوم الذي ستكونين فخورة به".

نقلة نوعية

وعن المهارات التي اكتسبتها ليان خلال مدة علاجها في مركز "نعم نستطيع"، يبين مدير برنامج التأهيل المجتمعي بـ"الإغاثة" بغزة مصطفى عابد أنه بدأ العمل مع ليان في يوليو/ تموز 2020، إذ حددت احتياجاتها الأساسية من خدمات التأهيل الشامل.

ويوضح عابد لصحيفة "فلسطين" أن ليان بحاجة إلى خدمات العلاج الطبيعي والتربية الخاصة والعلاج الوظيفي وخدمات التأهيل المجتمعي.

ويذكر أن فريق العمل بالمركز بدأ في التدخل في وضع الأهداف العلاجية للطفلة ليان، حيث تمكنت من المشي 10 خطوات على الأقل بتوازن بفضل العلاج الطبيعي الذي خضعت له، ما عزز مشاركتها الأسرية والمجتمعية والتفاعل الإيجابي داخل الأسرة.

أما خدمات التربية الخاصة التي قدمت لليان، يشير عابد إلى أنه بدأ العمل في تنمية مهارة العد باللغة العربية والإنجليزية (0-5)، وتنمية مهارة ومعرفة الحروف، ومهارة الكتابة والقراءة باللغة الإنجليزية A-B-C-D.

ويلفت إلى أن خدمات التربية الخاصة كان لها أثر كبير في التحول في عملية الاستيعاب والمعرفة والتفاعل الدائم والتواصل مع الآخرين لزيادة اللغة الاستيعابية والإدراكية لها.

كما قُدمت خدمات العلاج الوظيفي لليان، وعن ذلك يقول عابد: "قدم المختص في هذا المجال خبراته لليان بتمرينها وتقوية عضلات يديها الدقيقة وتشكيل الصلصال، وبناء برج من المكعبات، وتقليب صفحات الكتاب، والإمساك بالقلم وأدوات مسكة ثلاثية، والإمساك بالكرة بكلتا يديها".

ويوضح أن ليان انتقلت نقلة نوعية فاقت الأهداف الموضوعة لها، وكان لأهلها دور كبير في التعاون والمتابعة مع الأخصائيين في المركز، وهذا يؤهلها للانتقال والاندماج في مدرسة عادية في أقرب وقت ممكن.

ويكمل حديثه بأن انتقال ذوي الإعاقة من المراكز الخاصة إلى المدارس حق كفلته الاتفاقية الدولية للأطفال ذوي الإعاقة، وقانون رقم (4) لعام 1999م، والذي يضمن حقهم في التعليم.