على كرسي متحرك جلس عمر الغرباوي لينظِّم حركة سير المركبات أمام مفترق السرايا بمدينة غزة، في محاولة لتسليط الضوء على ذوي الإعاقة في يومهم العالمي، الذي يوافق الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من كل عام.
وبخفةٍ بدأ الغرباوي (37 عامًا) -في أثناء مشاركته في فعالية نظمتها وزارة التنمية الاجتماعية أمس- يلوِّح للمركبات للتقدم واجتياز المفترق وإعطاء الطريق حقها.
ويحيي العالم في الثالث من ديسمبر سنويًّا اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو يوم عالمي خصصته الأمم المتحدة في عام 1992؛ لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة بهدف زيادة الفهم بقضاياهم، ودعم التصاميم الصديقة لهم من أجل ضمان حقوقهم.
ويوضح الغرباوي -الذي يعاني إعاقة حركية عقب تشوهات في العمود الفقري تصاحبه منذ الولادة- أن الهدف من الفعالية هو لفت أنظار المعنيين لمعاناة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتلبية احتياجاتهم.
ويطالب الغرباوي الحكومة بتطبيق القانون الفلسطيني رقم (4) لسنة 1999م الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة وضمان حقوقهم.
وبيَّن أن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة ماسة ومستمرة إلى العلاجات والمستلزمات الطبية، خاصة مع جائحة كورونا، إذ حُرم العديد منهم الوصول إلى احتياجاته أو تلقي العلاج.
ودعا الغرباوي الحكومة لمواءمة القانون المحلي وفقًا للاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، مشددًا على ضرورة أن يكفل حق الحصول على فرص العمل، والعلاج، والمأوى، وبرامج الرعاية والتعليم، وخلق بيئة آمنة وصديقة للأشخاص ذوي الاحتياجات.
وبالقرب من الغرباوي وقف أحمد طافش -أحد الأشخاص ذوي الإعاقة- يتابع حركة المواطنين والسيارات، ويرشد بعضهم ليسلك الطريق المخصص للسير لتجنيبهم التعرض للأذى.
ويقول طافش -الذي يعاني بترًا خَلْقيًّا في اليدين- لصحيفة "فلسطين": "أردنا عبر هذه الفعالية إرسال رسالة للجميع أننا فاعلون في المجتمع، وأن الإعاقة لن تجعلنا رهينة المنزل، وأن لدينا حقوقًا".
ويحث طافش الحكومة على الوقوف إلى جانب ذوي الإعاقة، والعمل على دمجهم في المجتمع، مؤكدًا تفاقم الأوضاع الصحية للعديد من المنتمين لهذه الفئة، خاصة مع جائحة كورونا، "فبسبب الجائحة نعاني قلةً في الخدمات المقدمة لنا، كتلقي العلاج والرعاية الصحية المناسبة بعد إغلاق العيادات ومراكز الرعاية الصحية، ما أدى إلى تراجع الحالة الصحية لبعض الأشخاص".
ودعا الحكومة للضغط على الوزارات المعنية لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة، وتوفير احتياجاتهم وتطبيق القانون الخاص بهم، والذي من شأنه أن يمنحهم حياة كريمة.
مواءمة الأماكن
ولا يختلف الحال كثيرًا مع سوسن الخليلي، التي دعت العالم والحكومة الفلسطينية لإنصاف ذوي الإعاقة وتوفير احتياجاتهم، من رعاية صحية ووسائل طبية تساعدهم في التنقل والحركة.
وتقول الخليلي لصحيفة "فلسطين": "من حق الأشخاص ذوي الإعاقة أن يكون لهم مشاركة فاعلة في المجتمع، والتعريف بمعاناتهم وإنجازاتهم، وتسليط الضوء عليها".
وتطالب سوسن -وهي أمين سر الاتحاد العام للمعاقين، وأحد أعضاء مجلس إدارته- الحكومة بتطبيق قانون الأشخاص ذوي الإعاقة؛ لضمان حقوقهم السياسية والتعليمية والاجتماعية والدمج في المجتمع، ومواءمة المباني والمرافق العامة، وتحقيق المساواة في فرص العمل، والحصول على رعاية صحية.
من جهته قال مدير دائرة بطاقة المعاق في وزارة التنمية الاجتماعية سعيد أبو عشيبة: إن الفعالية جاءت لإبراز ذوي الإعاقة في المجتمع وقدرتهم على العمل.
وأضاف لصحيفة "فلسطين": إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم الحق في ممارسة أنشطتهم وضمان حقوقهم السياسية والتعليمية والاجتماعية، مبينًا أنهم استوعبوا ما يزيد على 19 ألف حالة ضمن البرنامج الوطني للمساعدات النقدية التي تقدمها وزارته، في حين أنهم شرعوا في العمل على مشروع لتوفير سماعات وكراسي كهربائية للأشخاص ذوي الإعاقة.
ويوجد في قطاع غزة نحو 127 ألف شخص يعانون إعاقات متعددة، تتنوع بين صعوبات في الإبصار والسمع والنطق، والحركة، والنوبات، والسلوك الغريب والتخلف العقلي بمستوياته الثلاثة والتشوهات، ويعتمد ما يزيد على 29 ألف شخص من هؤلاء على مخصصات التنمية الاجتماعية التي تُصرف لهم كل 3 شهور، وتؤجّل لفترات طويلة، ما يؤثر في قدرتهم على تلبية أساسيات الحياة الضرورية.