فلسطين أون لاين

تقرير هل أرجأ الاحتلال اقتطاع (600) مليون شيقل من المقاصة؟

...
غزة - رامي رمانة

هل أوقف الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ قرصنته (600) مليون شيقل من أموال المقاصة أو أرجأ تنفيذها بتدخلات خارجية؟ سؤال بادر إلى ذهن الجميع حينما صرح حسين الشيخ رئيس هيئة الشؤون المدنية برام الله، أن الاحتلال حوَّل كامل أموال المقاصة إلى حسابات السلطة الفلسطينية.

المتابعون للشأن الاقتصادي اختلفت تفسيراتهم لهذه الخطوة الإسرائيلية، وقال بعضهم: ربما الذي حدث هو اتفاق ضمني بين السلطة والاحتلال بتدخلات خارجية على إرجاء الخصم لحين تحسن وضع السلطة اقتصاديًّا، وآخرون عدوا أن الخصم سيبدأ الشهر المقبل بواقع 50 مليون شيقل شهريًّا استنادًا إلى تسريبات إعلامية عبرية.

وقال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: "إن تصريح الشيخ فاجأ الجميع، كنا نتوقع أن يقرصن الاحتلال مبلغ 600 مليون شيقل من إجمالي أموال المقاصة أو على الأقل أن يوزع قرصنة المبلغ الكامل على عدة أشهر".

وذكر اشتية أن تسليم الاحتلال الأموال دفعة واحدة قد يفسر أنه ضمن تفاهمات ضمنية ربما بين الجانبين بتدخلات خارجية "قد تكون إماراتية، وهنا الإمارات كي تُبيِّض موقفها تجاه الفلسطينيين بعد خطوة التطبيع مع الاحتلال"، وفق تعبيره.

وذكر اشتية لصحيفة "فلسطين" أن تسلم السلطة أموال المقاصة كاملة لا شك أنه يساعد السلطة في التخلص من جزء من أزمتها المالية، وتسديد ديونها المتراكمة للموظفين في القطاع العمومي والموردين والبنوك.

وبين أن السلطة يبدو أنها ستحاول أن تجد مخرجًا لمعضلة القرصنة بدمج رواتب أسرى الشهداء والأسرى مع كادر الموظفين العموميين.

وأشار إلى أن عودة السلطة لتسلم أموال المقاصة لا يعني انتهاء أزمتها المالية، ذلك أن الموازنة العامة تواجه في الأساس عجزًا كبيرًا تسبب به أيضًا تراجع الدعم الدولي، وانخفاض الإيرادات المحلية.

وبحسب الشيخ، فإن مجموع ما حُوِّل إلى حسابات السلطة، بلغ ثلاثة مليارات و768 مليون شيقل.

ووفقًا لوزارة المالية فإن الدين العام المستحق على الحكومة ارتفع في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنسبة (11%) ليصل إلى (11.35) مليار شيقل، موضحة أن إجمالي الدين المحلي بلغ قرابة (6.6) مليارات شيقل، في حين أن الدين الخارجي بلغ نحو (4.45) مليارات شيقل.

وقال الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر: إن ما يقال في هذا المقام إن دوافع السلطة لإعادة علاقتها مع الاحتلال هو إدراكها أنه لا مفر من اللجوء للاحتلال بِعدِّه ملاذًا أخيرًا للخروج من أزمتها المالية الراهنة، وهذا يثبت فشل سياسة السلطة في وقف اتصالاتها بالاحتلال، بما فيها عدم تسلم أموال المقاصة.

وأضاف أبو عامر لصحيفة "فلسطين": أن الاحتلال بالفعل صدَّق على اقتطاع مخصصات الأسرى والشهداء بقيمة 600 مليون شيقل، لكنه أدرك أن اقتطاع المبلغ كاملًا سيحرج السلطة أمام الشارع، ويضعف موقفها الأخير من إعادة علاقات مع الاحتلال، وأنها قد لا تجد موقفًا شعبيًا يساندها في قرار إعادة العلاقات، وفق تقديره.

ورجح أن تطبق سلطات الاحتلال قرارها تدريجيًّا عبر خصم (50) مليون شيقل شهريًّا، وسيفسر على أنه بمكانة "بادرة حسن نية" من الطرف الإسرائيلي للسلطة، مشيرًا إلى أن السلطة تقف وحيدة أمام الضغط الداخلي الذي تواجهه بسبب احتمالية انهيارها أو نتيجة الضغط الخارجي.

ورجح الاختصاصي أن تقدم السلطة على مزيد من التنازلات لإرضاء الاحتلال الإسرائيلي، سواء بزيادة رقعة الخصومات لتشمل أسرى آخرين أو بإلغاء هيئة شؤون الأسرى بوصفها مؤسسة لا تحظى بتأييد إسرائيلي، واقتصار دفع الرواتب على أسرى ذوي "سجل نظيف"، وفق التصنيف الإسرائيلي، أو من يتبعون حركة "فتح".