قائمة الموقع

بقوة تحمُّله.. "محمد" يركل معاناة أسره وإصابته

2020-12-05T09:04:00+02:00
تصوير/ رمضان الأغا

كان يتمنى أن يحقق حلم والدته قبل أن يتوفاها الله بأن يعود للمشي على قدميه دون أن يتكئ على عكازين لازماه منذ ما يقارب ثلاثة أعوام، أما أمنيته أن يحتضن صغيرته بين ذراعيه ويعبر بها الشارع ويتجول بها، فلم يكُن يستطيع حملها والمشي بها، وحمايتها من السيارات المارة إلا بمساعدة أحد، فبات اليوم أقرب من تحقيق حلمه في تركيب طرف صناعي سيغنيه عن أي شيء آخر.

محمد الأخرس (32 عامًا)، من مخيم يبنا الواقع في مدينة رفح، استهدفه الاحتلال الإسرائيلي بطلق ناري متفجر في ركبته في أثناء مشاركته في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية على شرق قطاع غزة.

رفع على النقالة الطبية فاقد الوعي ونقل إلى المستشفى بوضع صحي صعب، وأخبر الأطباء أهله أن لا أمل بساقه وتحتاج إلى بتر لتقطع الشرايين فيها وحالة النزيف الشديد، إلا أنهم صدموا وطلبوا من الأطباء التعامل مع الحالة بأي شكل.

يقول لصحيفة "فلسطين": "وصلت نسبة الدم إلى 2، كان محتملًا أن أفقد الحياة لولا رحمة الله، بعد خمسة أيام استيقظت من الغيبوبة، ولم تسعني الفرحة بعدم بتر رجلي رغم الوجع، لكن الحالة غير مستقرة، فاضطروا لعمل تحويلة طبية على المستشفيات الأردنية".

وواجهت التحويلة رفض الاحتلال لكونه أسيرًا محررًا من سجونه، وقضى فيها ست سنوات، ليفرج عنه في 2013، فنسق تحويلة أخرى إلى المستشفيات المصرية، ويستذكر مشهدًا لا يغيب عن ذهنه: "في طريقنا إلى هناك باغتتني رائحة كريهة، وذباب يقف عند الجرح، ودود أبيض يخرج منه، فطلبت من والدي أن يرفع الأربطة الطبية عنه، فأصبت بنزيف مرة أخرى".

هناك وعلى الفور شرع الأطباء في عمل ما يلزم، صارحوا محمدًا بأن الجرح متعفن وأصيبت ساقه بغرغرينا، فإذا لم تبتر ستتفشى في جميع جسده، بقوة اتخذ قراره ببترها.

يضيف: "كان قرارًا صعبًا، كقرار الحياة أو الموت، وتذكرت ذلك المحتل الإسرائيلي الذي أصدر حكمه بالسجن، فأعدمني الحياة والنور والأمل، وفقدت كل شيء ذي مذاق جميل، وكذلك قرار البتر".

وما سانده وشجعه على اتخاذ هذا القرار، خطيبته التي رفضت تركه في تلك الظروف الصعبة، بل وافقته على قراره وأخبرته بأنها ستكون عكازته التي يستند إليها.

يتابع محمد حديثه: "تحملت معاناة الأسر ومرارته، فكيف لا أستطيع التأقلم مع حياتي الجديدة، خاصة أني في أرض رباط ليوم الدين، ولو كل فلسطيني خاف على نفسه من الإصابة أو الأسر فستضيع القضية".

بعد البتر كانت الحياة صعبة وحاول جاهدًا مواجهتها حتى لا يسمح لنظرات الشفقة بأن ترمقه، إلا أنه لم يستطِع أن يحمي ابنته من السيارات إلا بمساعدة أحد، فكان حلمه أن يحتضنها بذراعيه ويمشي، وهنا بدأ يدرك مدى حاجته لطرف صناعي.

ويوضح محمد أنه فكَّر في إيجاد فرصة عمل له في الصنعة التي تعلمها، وعكف على فتح ورشة حدادة تحتاج إلى الوقوف لفترات طويلة لإنجاز المهام، ما دفعه لتركيب طرف صناعي قبل أشهر قليلة في قسم الأطراف الصناعية بمستشفى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للتأهيل والأطراف الصناعية بغزة الممول من صندوق قطر للتنمية.

ويحضر محمد ثلاث مرات أسبوعيًّا إلى المستشفى للالتحاق بتدريبات فيه أملًا في إنهاء معاناته.

اخبار ذات صلة