فلسطين أون لاين

البلدة القديمة.. مملكة مسلوبة لا زالت تحتفظ بهويتها المقدسية

...
القدس المحتلة- الأناضول

قد يحسد السياح الزائرون للبلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة، أهلها، على امتلاكهم لهذه المنازل العتيقة، وتواجدهم في هذا المكان الساحر والمقدس، لكن الأهالي يحتاجون لمن يرثي حالهم، حيث يكابدون الكثير من المصاعب.

وبين زوايا الحارات العتيقة في مدينة القدس، يعيش حوالي 3 آلاف فلسطيني، في بيوتهم الضيقة المتراصة، التي ورثوها أبًا عن جد، وسكنوا فيها منذ مئات السنين.

ويعاني الأهالي من مشاكل عدة، تبدأ بظروف الحياة القاسية، ولا تنتهي بالإشكاليات التي يتسبب بها المستوطنون اليهود الذين اقتحموا البلدة.

ويقول الأهالي: إن بلدية الاحتلال الإسرائيلية في المدينة، تمارس سياسة عنصرية تجاههم، حيث يعانون من مشاكل في البنية التحتية كالكهرباء والماء والصرف الصحي، ناهيك عن إهمال متعمد للمرافق الخدماتية المختلفة.

كما يعانون من "جيرانهم الجدد"، وهم المستوطنون اليهود، الذين يرفعون أعلام الدولة العبرية، في محاولة منهم لتنغيص حياة أهالي البلدة، ورغم كل هذه الإجراءات، إلا أن الأهالي يصرون على البقاء في منازلهم، والحفاظ على هويتهم المقدسية، وحراسة بيوتهم من خطر الاستيطان.

وتواجه البلدة القديمة بالقدس، أخطر مشاريع الاستيطان الإسرائيلية، بحسب المختصين بالشأن المقدسي.

ومنذ احتلال المدينة عام 1967، عانت البلدة القديمة من قيود مشددة على تطورها العمراني، وتمت مصادرة بيوت وأراضٍ فيها، فيما ترفض بلدية الاحتلال، غالبا، منح الفلسطينيين رخصا للبناء.

وتعمل المنظمات الاستيطانية اليهودية على شراء المنازل في البلدة، والسيطرة على بعضها تحت ذرائع عديدة.

وفي إحدى حارات البلدة القديمة، والمعروفة باسم، "حارة باب الحديد"، الواقعة على مشارف باب الحديد في السور الغربي للمسجد الأقصى، تعيش بعض العائلات المقدسية ببيوتها القديمة العريقة متجاورة مع بعض البيوت التي يقطنها المستوطنون.

ويتسبب هذا الأمر، بقلق بالغ للأهالي المقدسيين، بسبب التضييق المستمر، من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال.

وكان المستوطنون قد استولوا على ما يسمى بـ"رباط الكرد"، أو كما يُطلق عليه المستوطنون "حائط المبكى الصغير"، بحجة ارتباطه بمعبدهم المزعوم.

وقد بني رِباط الكُرد عام 1294 ميلادية، على يد الأمير "المقر السيفي كرد"، والذي كان أحد كبار قادة المماليك (في مصر والشام)، في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، في عام 693هـ - 1294م، لإيواء الفقراء والحجاج والزوار الوافدين إلى بيت المقدس.

والأربطة هي أبنية انتشرت في القدس خلال الفترة الأيوبية والمملوكية ليجاور فيها "محبو الأقصى وعشاقه رباطا في سبيل المولى ودفاعاً عن الأرض المقدسة"، حسبما تقول بعض المصادر التاريخية.

وبسبب تواجد المستوطنين هناك بشكل دائم، يعاني الأهالي من ممارسات المستوطنين وشرطة الاحتلال، المستمرة.

وتقطن في تلك المنطقة، عائلة نُورِين الفلسطينية، التي تقيم فيها منذ العام 1947.

وتقول صَفاء نُورِين: إن المشاكل في الحارة، شبه يومية بين الشباب المقدسي والمستوطنين، الذين يستفزون الأهالي بشكل دائم، بهدف دفعهم للرحيل.

وتقول نُورِين: "أصعب الأيام، هي أيام الأعياد اليهودية، ففي كل عيد تُغلق الطريق الرئيسة للحي، ونضطر للبحث عن طرق التفافية من داخل المسجد الأقصى حتى نستطيع الخروج من البلدة القديمة".

وتضيف: "رقصاتٌ استفزازيةٌ وأغاني صاخبة، وصراخٌ مستمر... هكذا تكون أيام العيد اليهودي دون مراعاة لراحة مريض أو نوم طفل صغير أو تعب شيخ كبير".

وتردف: "يكتظ زقاق الحي بالمستوطنين وشرطة الاحتلال التي تأتي لحمايتهم، وهم يمارسون اعتداءاتهم ضدنا".

وعن معاناتهم مع الاحتلال الإسرائيلي للقدس، تقول نورين:" الحي مليء بالشباب ولدي من الأخوة اثنان، يقلقني أمرهم، ولا يمكنهم الوقوف مكتوفي الأيدي عندما تتعالى الأصوات والرقصات المستفزة، فتراهم في مناوشات مستمرة مع المستوطنين، مما يؤدي إلى اعتقالهم من قبل شرطة الاحتلال، ويترك المستوطن ليكمل رقصاته على أرضنا المقدسية".

وتقول نورين: إن البلدة القديمة على الرغم من ضيق بيوتها، فهي "تتسع لجميع المقدسيين ليعشوا فيها بكل رضا لولا منغصات المستوطنين اليومية .. نخاف أحيانا من الخروج من بيتنا، إلّا أننا نتحداهم ببقائنا في بيوتنا العتيقة التي تزدان بكل مناسبة وكل عيد رغماً عنهم".

وتعتبر البلدة القديمة أو القدس القديمة، مركز مدينة القدس، وهي المكان الموجود داخل سور السلطان العثماني، سليمان القانوني، وحتى ستينيات القرن التاسع عشر، كانت هذه المساحة فقط هي المشكّلة لمدينة القدس، قبل أن يتم توسيعها بالعديد من الأحياء، والبلدات.

وتضم البلدة القديمة عددًا من الرموز الدينية، مثل المسجد الأقصى، وحائط البراق الذي سيطرت عليه (إسرائيل) عقب احتلالها للمدينة، عام 1967، وتطلق عليه اسم "حائط المبكى".

كما يوجد في المدينة، كنيسة القيامة التي تعد من أهم الأماكن المسيحية في العالم.

وتقسم البلدة إلى أربعة أحياء رئيسة، وهي حارة النصارى، والحي الإسلامي، وحارة الأرمن، والحي اليهودي.

واحتلت (إسرائيل) الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، عام 1967، وكانت قبل ذلك تتبع للحكم الأردني.

وأقرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، الثلاثاء الماضي، قرارا يعتبر القدس مدينة محتلة، وأنه لا سيادة إسرائيلية عليها.

ويتيح القرار أمام المنظمة الدولية، إرسال مندوب بشكل شبه دائم لمتابعة الانتهاكات الإسرائيلية. ويأتي هذا القرار بعد نحو 6 أشهر من اعتماد المجلس التنفيذي لليونسكو، في 18 تشرين أول/ أكتوبر 2016، قرار نص على وجوب التزام (إسرائيل) بـ"صون سلامة المسجد الأقصى وأصالته وتراثه الثقافي، وفقاً للوضع التاريخي الذي كان قائماً، بوصفه موقعاً إسلامياً مقدساً مخصصاً للعبادة".