في العالم العربي قادة يتقنون فن إنتاج الأعداء، إنتاج الأعداء مهمة سهلة لأنها تقوم على الوهم، الوهم أمر ليس براجح ولا مرجوح ولا يمكن إقامة الدليل عليه، والظن أمر راجح، والعلم أمر واقع حقيقة ويمكن إقامة الدليل عليه، فمن ترك العلم، وغادر الظن، ولجأ إلى الوهم أنتج معركة وأنتج أعداء.
تركيا وإيران دولتان مسلمتان متجاورتان، ومجاورتان للبلاد العربية في الخليج والعراق وسوريا ولبنان، وتشارك تركيا مصر ودول شمال إفريقيا في مياه المتوسط، في حين تشارك إيران الخليج والعراق في مياه الخليج. هذه الدول في مجموعها وحدودها آنفة الذكر مهيأة لأن تكون الأقرب إلى التحالف المشترك، والتعاون الاقتصادي والعسكري والأمني. لكن الحاصل في الواقع أنه لا تحالف ولا شراكة ولا تعاون، بل خصومة وعداء وتربص!.
(إسرائيل) دولة احتلال وعدوان، ولا يختلف في ذلك اثنان، ولا ينتطح في هذه الحقيقة عنزان، ولا يتوافر لها ما يتوافر لتركيا وإيران من علاقات تاريخية وحيوية مع الأمة العربية والإسلامية، ومع ذلك تجد الدول العربية المعادية، أو المخاصمة لتركيا، فرصا للتحالف مع (إسرائيل)! العداء الإسرائيلي حقيقة، ويمكن إقامة الدليل عليها باحتلال (إسرائيل) لفلسطين وللأراضي العربية، وبحروب (إسرائيل) المتكررة مع الدول العربية، أما عداء تركيا وإيران للأمة العربية فهو من وهم القادة ولا يمكن إقامة الدليل على وجوده، وعليه فإنه من الخطأ القاتل أن تقيم بعض الدول العربية التعامل السياسي مع الغير بالوهم.
يجدر بالقادة العرب مغادرة الوهم، والذهاب إلى العلم والحقيقة التي تقبل الدليل، وتغيير السياسة القائمة وإقامة علاقات جديدة مع الدولتين بما يعزز العمل المشترك بينهم ويبدد الوهم، وبما يجعل العمل المشترك دفعا للعدوان الحقيقي الذي يمثله الاحتلال الصهيوني. إيران لها أعداء خارج الدول العربية، وتركيا لها أعداء خارج المنطقة العربية، والدول العربية لها ربما نفس الأعداء وهم خارج تركيا وإيران، ولكن سياسة (إسرائيل) وأميركا هي التي بذرت بذور إنتاج الأعداء الوهميين في نفوس قادة عرب، يحلمون بقيادة الأمة العربية.
الأمة لا تريد عداء مع تركيا ولا مع إيران. الأمة تريد من قادتها الخلاص من الوهم، في حين سياسة (إسرائيل) تقوم في المنطقة العربية على إنتاج أعداء للقادة العرب، لصرفهم عن التفكير في (إسرائيل).