يتحدث الناس في غزة عن توجه راجح للجهات المتخصصة بملف كورونا لإغلاق قطاع غزة ١٤ يومًا قابلة للتمديد لسبعة أيام إضافية. الجهات المسؤولة في الداخلية لا تؤكد ما يتداوله الناس ولا تنفيه، ولجنة ملف كورونا الحكومية تقول: إن الغرض من الإغلاق هو خفض حدة انتشار الوباء، إذ إنه في ازدياد مطَّرد، وإن المشافي والمختبر المركزي باتوا لا يستطيعون تقديم الخدمة الطبية لهذا العدد الزائد، ولا يوجد في المستشفى الأوروبي أجهزة تنفس صناعي للمصابين الجدد.
إذًا الإغلاق إنْ حدث بحسَب ما يتداوله السكان وينسبونه إلى مصادر رسمية هو نتاج عاملينِ: الأول ازدياد الأعداد المصابة بالفيروس، لا سيما في الحالات الخطِرة، والثاني عجز المستشفيات ومراكز الحجر الصحي عن استيعاب المصابين. وما يزيد العبء على المرضى والمواطنين أننا نعيش فصل الشتاء إذ تنتشر عادة الإنفلونزا الموسمية، التي لها أعراض تشبه أعراض كورونا، وهي إذا اجتمعت مع كورونا في جسم الإنسان سببت له متاعب جمة وحاجة ماسَّة للمشفى وللتنفس الصناعي.
أما تفشي الوباء وزيادة أعداد المصابين المطرد فإنه يرجع لسببين: الأول حالة الاستهتار الذاتي عند كثيرين، إذ يذكر بعضهم: نحن لم نخَفْ من صواريخ العدو وقصفه، فكيف تريدون منا أن نخاف من فيروس كورونا؟! وهو تفسير يدل على حمق قائله، فكلما لطفت الأشياء ودقت كانت أنكى. وأنت حين يقتلك العدو تموت شهيدًا، ولكن حين يقتلك الفيروس باستهتارك تموت عاصيًا.
الجهات الصحية أعلمت العامة أن لبس الكمامة، والتباعد الجسدي، والتعقيم، يقيك الفيروس بنسبة ٩٥% ، ومع ذلك هناك شرائح من المجتمع لا تلتزم هذه التعليمات خاصة في الأفراح وفي الأتراح، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك شرائح كبيرة لا تستخدم الكمامة صحيًّا وجيدًا. وأحيانًا تكون الكمامة سببًا في الإصابة نفسها بسوء الاستعمال.
المصادر الطبية تعي حالة المجتمع الاقتصادية والمالية الضعيفة، وتعي حاجة فئات واسعة من المواطنين للعمل اليومي، لأن أرزاقهم يومًا بيوم، ولكنها تعي خطورة الغفلة عن تفشي الفيروس، لذا هي تقول للمواطنين: يمكننا أن نمتنع عن إغلاق القطاع ولكن بشرط أن تلتزموا وسائل الوقاية أفضل من الشكل القائم حاليًّا، وبما يترك فيه المستهترون استهتارهم الذي لا يقف فيه ضررهم عند أنفسهم بل يتعداه لغيرهم، كما حصل في الأفراح في أكثر من منطقة في القطاع؛ أي إن لجنة كورونا تقول للمواطنين: إما الإغلاق وإما الالتزام. القرار لكم. أنتم تختارون، وأنتم تقررون.