فلسطين أون لاين

ينقل لـ"فلسطين" تجربة قلمه بين "الأدب والصحافة"

حوار مصطفى مطر يرسو بـ"رحلة إنقاذ العالم" على قمة جائزة "الدولة لأدب الطفل"

...
مصطفى مطر

الديوان يناسب الفئة العمرية ما بين (8-14) عامًا وتميز بفكرته وأسلوبه

تحديت نفسي وكتبت ديوان المسابقة في أسبوعين

علينا أن نوضح معاناة أطفالنا بصورةٍ تفاعلية وحيوية وطرق جديدة

في مجال الشِّعر صدَرت لي ثلاثة دواوين والرابع سيصدرُ قريبًا

سأواصل حصد الجوائز ليظل اسم فلسطين عاليًا في المحافل العربية والدولية

أخوض غمار العام السادس في المُغترب.. والبعد عن الأهل له وقع حزين

أنقرة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

"أُعلِن في البداية اسم الشاعر المغربي سعيد عبيد فائزًا، وظلَّ إعلانُ اسم الشاعر الذي يُقاسِمه المركز ذاته، حينها تسلَّل إلى قلبي شعورٌ غمرني بالطُّمأنينة، وأحسستُ بأنَّني سأفوز باللَّقب".. بقيت لحظات قليلة ويُعلَن اسم الفائز بجائزة "الدولة لأدب الطفل بقطر" بموسمها الثامن، والتي ذكرت أنها ستكون مناصفة بين ثلاثة متأهلين للقائمة القصيرة.

نبضات قلبه تعزف لحن التوتر الممزوج بالثقة، يحبس فرحة كتمها، سرعان ما دوى صداها بداخله، ما أن لفظت المذيعة الكلمات التي انتظرها "الفائز المشترك بالجائزة نفسها هو مصطفى مطر من فلسطين"، كانت كلماتها تأكيدًا لإحساس قلبه وثقته بقلمه الذي نسج حروفه على ماكينة الإبداع.

كانت لحظة معرفته بالفوز مسبوقة بطقوسٍ رسمتها إدارة المسابقة؛ التي خطَّطت لاستضافة المتأهِّلين إلى القائمة القصيرة في المجالات المطروحة لمسابقة "جائزة الدولة لأدب الطفل" لكنَّ جائحة كورونا حالت دون تنفيذ المخطَّط فكان إعلان الفوز عن طريق تطبيق "زووم" حيث اجتمع المتأهِّلون من كلِّ المجالات وأُعلِن الفائزون.

مصطفى شابٌّ فلسطينيٌّ عاصر أربعَ حروبٍ عدوانية على غزة، خرج من القطاع في نهاية الرّبع الأول من 2015 ليبدأ مرحلة جديدة من الحياة، درس وعمل في مجال الإعلام، ويعمل حاليًّا مذيعًا ومقدِّم برامج في قناة تلفزيونية.

مراسم فرح

"كان ما توقّعتُهُ وتوقَّعَه كثيرٌ من الأحبّة، حين ذكرت المذيعةُ اسمي، شعرتُ بسعادةٍ غامرة، لكنّني تحلّيت برباطةِ جأشٍ ضروريّة، في ظلّ وجود الشاعر المغربي سعيد بن عياد الذي لم يُحالفه الحظّ ورجَوتُ له حظًّا موفّقًا في مناسباتٍ قادمة، كانت لحظةً فوق الوصف، لا سيَّما أنَّ هذه الجائزة كبيرةٌ جدًّا ولها سمعةٌ محترمة في الوسط الشَّعري".. ما زالت مراسم الفرح تدق طبولها بداخله، ما أن غمرته كل عبارات الشعور بنشوة الفوز التي احتفظ بها لنفسه مراعاة لمشاعر من لم يحالفه الحظ.

عن استعداده للجائزة ترسم إجابته طريقًا ملهمًا في خوض معترك داخلي مع النفس: "حقيقةً لم أستعد للمشاركة في هذه المسابقة قبل وقتٍ كافٍ لأُنجِز مشروع ديوانٍ شعريٍّ يكونُ مناسبًا، خصوصًا أنَّني عرفتُ بأمرِ المسابقة مؤخَّرًا تحديدًا قبل أن يُغلق باب الاشتراك فيها بأسبوعين".

bfae593d-f2b3-4c02-bb1e-2be8430aae36.jpg


 

يرجع إلى تفاصيل الصراع النفسي مع بعض مشاعر الإحباط التي تخبره "أنك متأخر"! إلا أنها لم تروضه أو تكبح جماح شغفه للمنافسة"، أقنعتُ نفسي بلزوم خوض هذا التّحدّي، وكانت نفسي أوّل من أتحدَّى في هذا المشروع لأنّني لم أكتب في المجال من قبل، إلّا أناشيد موجّهة لشريحة الأطفال وكانت هذه الكتابة فترة عملي في غزة تحديدًا في الفترة من عام 2009-2014 وهذا ساعدني كثيرًا".

شارك مصطفى بديوانٍ شعريٍّ موجّه للأطفال والعمل يناسب الفئة العمرية ما بين 8-14 عامًا واسمُهُ "رحلةُ إنقاذِ العالم" وميز الدّيوان بفكرته التي كانت بمنزلة الحاضنة للنّصوص الشّعرية، بطريقة تلفتُ الانتباه، فكان الدّيوان يتضمّن النصوص الشّعرية الموجّهة للأطفال إلى جانب تقديم النّصائح والإرشادات وبعض الأسئلة التّحفيزية للطّفل التي تحثُّه على الابتكار وطرح الإجابات وإثارة التّساؤلات.

وكانت فكرة الدّيوان قائمة كذلك على التفاعلية، ففي نهاية كلّ قصيدة يطرح مصطفى سؤالًا وترك مجموعة سطور مشتملة على فراغات تُتيح للصغير أن يكتب فيها الفائدة التي خرج بها من القصيدة، إلى "جانب فكرة أخرى ارتكزَ عليها الدّيوان وهي فكرة الأنشطة، في نهاية كلّ قصيدة هناك نشاطٌ يُنصح به للأطفال، وهذا ما جعلني أتنبَّأ بفوز العمل خصوصًا أنّني كنتُ حريصًا أن أقدِّمه بشكل مختلف غير تقليدي رغم المدّة القصيرة التي كتبتُهُ فيها".

6ece37d3-bf6b-465d-b579-5786b4b4835b.jpg


 

فرصة للانتشار

ماذا تمثل لك جائزة الدولة لأدب الطفل؟ تغشاه أمواج من الفرح "الجائزة شعرية وتربوية في المقام الأوّل، وهي تحدٍّ كبير للذّات وتصقل تجربة الشاعر وتوسّع خبرته وتجعله أكثر انفتاحًا على أساليب وأنماط كتابة إبداعية متعددة، بدلًا من الانغماس في أسلوب واحدٍ لا يخرج منه".

كما أنّ الجائزة هي الرّسمية في هذا المجال ومنبثقة عن وزارة الثقافة في دولة قطر، ما يعني أنّ الإصدار سيجدُ حظّه من الانتشار في المكتبة العربية وفرصُ انتشاره ستكون أكثر اتّساعًا من النشر الذاتي، يتابع حديثه.

"علينا أن نفكّر بطرق جديدة من خلالها نخدم قضيّتنا، وأن نوضّح معاناة أطفالنا بصورةٍ تفاعلية وحيوية وطرق جديدة تصلُ إلى المتلقّي العربي بما فيهم الأطفال".. هكذا يوظف الأدب والشعر في إبراز قضية الطفل الفلسطيني.

في نظره لا يكفي أن نظهر المعاناة فهذا الأسلوب قد نجدُه حاضرًا في اليوميات الإخبارية والقنوات وغيرها، يخرج الأمل الذي يعتمله "نحن بحاجة إلى كتابة أحلامنا، ما نرجوه لأطفالنا، آمالهم، ما يسعون إلى تحقيقه، وقد كان لفلسطين والواقع العربي المؤلم النّصيب الأكبر من ديوان رحلة إنقاذ العالم، وسأحرص على إرسال مجموعة من النّسخ إلى كثير من الأحبّة في غزة حين تسنح الفرصة بذلك".

في مجال الشّعر صدَرت لمصطفى ثلاثة دواوين والرّابع سيصدرُ قريبًا؛ كما أنه كان مشاركًا عن فلسطين في جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم عام 2017 وشارك كذلك في جائزة أمير الشعراء عام 2018.

كما فاز بجائزة "الشارقة" للإبداع العربي في أواخر 2018م، عن ديوان شعري بالفصحى يحمل اسم صراخ المرايا "وفيه الكثير من القصائد عن فلسطين وواقع شعبِنا الجريح الذي يضمّد وجعه بيد ويقاوم محتلّه باليد الأخرى".

طموح الفوز والمنافسة تشتعل بداخله، "سأواصل مسيرة حصد الجوائز حتّى يظلّ اسم بلدنا الحبيب فلسطين عاليًا في المحافل العربية والدّولية وأن تتوفّر لي الفرصة حتّى أستطيع تحقيق ذلك".

غمار العام السادس

تغير مجرى حديثه هنا، ينتقل إلى حياة الغربة "شعرتُ مقتنِعًا أنّه لم يبقَ ما يمكنُ أن أضيفه إلى تجربتي في قطاع غزة الحبيب، فكان قرار السّفر صائبًا، وها أنا أخوض غمار العام السادس في المُغترب، لكنّ الحياة في تركيا تخفّف الغربة المجتمعية عنّا؛ لأنّنا نخالط مجتمعات عربية متعدّدة.

أمّا عن المحزن في الغربة، "فالبُعد عن الأهلِ له ذات وقع الحزنِ الذي يُسبِّبُه لنا بُعدُنا عن الوطن، نأملُ أن تصبح أوطاننا في حال أفضل حتّى نعود لنلتمس الأملَ في رحابها لأنّ دفءَ الغربة باردٌ خارج الوطن الذي ننتمي إليه".

يؤمن مصطفى أن هناك قواسم مشتركة بين الشّعر والإعلام، فالإعلام يرتكز على الكلمة، ويقومُ كذلك على القلم الصادق، وهي ذاته مفردات أساسية تحضر في الشّعر، كما أنّ الاشتغال بالشّعر والأدب يجعل الصحفي متمكّنًا من أدواته أكثر، وذلك لأنّ من يمتلك ناصية اللغة يتميّز عن أقرانه في حقل الصحافة، كونه الأغزر معرفةً ومعجمًا.

لكن الرابط الأبرز بين الإعلام والشّعر هو حُبّ اللغة والحرص عليها وتقديمها سلسة إلى الجُمهور، يتراجع للخلف قليلا "إني مُولع بالشّعر أكثر من حُبّ الظهور على الشاشة وفي كلا المشروعين أُواصل تشكيل ذاتي؛ باحثًا دائمًا عما فيه الخير لي والعزّ والمجدُ لأهلي وأبناء وطني أينما كانوا".

وقبل أن يختم ضيفنا، حديثه كانت له سهام شكر أخرى رماه من قوس الحنين نحو قلوب أبناء بلده "أرجو أن يُوفّق كلّ شبابنا الفلسطيني الطَّموح في رفع اسم فلسطين خفّاقًا في سماء لا تغيبُ عنها شمسُ الفلسطينيّ أينما ذهب وحيثما كان".

المصدر / فلسطين أون لاين