يأتي اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية لمخاطر عدّة، تجلّت في استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي والاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إضافة إلى جُملة من المتغيرات العربية والإقليمية الصعبة.
وتحتفل الأمم المتحدة في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
واختير هذا التاريخ لأنه في 29 نوفمبر من عام 1947، اتخذت الجمعية العامة القرار 181 (د-2)، الذي أصبح يعرف باسم "قرار التقسيم"، وقد نص على أن تُنشأ في فلسطين "دولة يهودية" و"دولة عربية"، مع اعتبار القدس كيانا متميزاً يخضع لنظام دولي خاص.
ومن أبرز المتغيرات التي برزت في الآونة الأخيرة تفشي ظاهرة التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، ومحاولات تنفيذ "صفقة القرن" التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وتطبيق قرار الضم، وهو ما يترك تساؤلاً حول حجم التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية؟
الناشط في حركة التضامن الدولية عبد الكريم دلبح، قال إن حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني "لم تتراجع"، رغم المتغيرات الحاصلة في المنطقة العربية والإقليمية.
وأوضح دلبح خلال حديث خاص مع "فلسطين"، أن عدداً كبيراً من المتضامنين الدوليين ينظمون فعاليات مناصرة للشعب الفلسطيني وقضيته في أماكن وجودهم، نظراً لعدم قدرتهم على القدوم للأراضي الفلسطينية بسبب تفشي جائحة كورونا.
وأشار إلى أن غالبية المتضامنين مع الشعب الفلسطيني خاصة في الدول الأوروبية وامريكا اللاتينية ينضمون إلى حركة مقاطعة (اسرائيل)، لافتاً إلى أن هذا الأمر ظهر خلال موسم قطف الزيتون الماضي، حيث قدّم المتضامنون دعماً للمزارعين نتيجة عدم قدرتهم على القدوم لفلسطين.
وبيّن دلبح أن جهود المتضامنين الدوليين تتركز على إثبات حق الشعب الفلسطيني في الحرية والعدالة والعيش حياة كريمة، مشيراً إلى أن قرار التقسيم (181) نُفذ من جانب الاحتلال علماً أن كان يشترط في بنده الأخير إقامة الدولة الفلسطينية.
ولفت إلى أن المتضامنين الدوليين يعتمدون على علاقاتهم مع النشطاء والحملات الشعبية في استقاء المعلومات حول انتهاكات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية، وليس على المسؤولين السياسيين.
وبحسب دلبح، فإن التضامن الشعبي الدولي مع الشعب الفلسطيني مستمر كما هو ويزداد، كونه يعتمد على المصادر والحركات الشعبية في الوطن.
في الأثناء أكد أن التطبيع العربي أثّر سلبًا في حالة التضامن مع الفلسطينيين، حيث تستغل المنظمات الصهيونية الموجودة في الدول الأوروبية لقلب الحقائق أمام المتضامنين الدوليين.
أما فيما يتعلق بتفشي جائحة كورونا أفاد دلبح بأنها أثّرت على قدوم المتضامنين للأراضي الفلسطينية، في حين اقتصر الأمر مؤخراً على البلدان المُصنفة خضراء بالنسبة لـ (اسرائيل).
ونبه إلى وجود حركة تضامن "جيدة" في القدس ومع البيوت المهدمة، من المتضامنين الدوليين، لافتاً إلى استمرار التواصل مع المتضامنين إلكترونياً ونقل معاناة الشعب الفلسطيني والانتهاكات التي يتعرض لها من الاحتلال، حيث لا يخلو أي أسبوع من مثل هذه اللقاءات.
تصاعد التضامن
بدوره، قال رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) صلاح عبد العاطي، إن هناك تضامنا يتصاعد في العالم مع القضية الفلسطينية على مستوى أوروبا وامريكا اللاتينية.
وأوضح عبد العاطي خلال حديثه مع "فلسطين"، أن التضامن يتراجع على المستوى العربي بسبب التطبيع مع الاحتلال وتغليب المصالح القُطرية على القومية والقضية الفلسطينية.
وبيّن أن التضامن يحتاج إلى استراتيجية وطنية تقوم على تعظيم الاشتباك الدبلوماسي والقانوني والشعبي مع الشعب الفلسطيني، "فكلما ارتفع نضال الشعب الفلسطيني زادت حركة التضامن".
وبحسب عبد العاطي فإن النضال الوطني يحتاج إلى تعزيز دور الجالية الفلسطينية للقيام بمسؤولياتها في دعم الجهود الفلسطينية.
واعتبر عودة السلطة للتنسيق الأمني "طعنة" في ظهر كل الجهود الهادفة لمقاطعة الاحتلال ومحاسبته وتعزيز التضامن الدولي مع نضال وحقوق الشعب الفلسطيني.
التطبيع العربي
وأكد عبد العاطي أن التطبيع العربي على المستوى الرسمي أثّر في حالة التضامن باعتباره يتجاوز الحقوق الوطنية المكفولة بموجب قرارات الجامعة العربية والأمم المتحدة والقانون الدولي والدولي الإنساني.
وشدد على أن "التطبيع أثرّ باتجاه فتح مجال وبوابات جديدة للاحتلال دون رهن ذلك بمبادرة السلام العربية التي تم تجاوزها التي اشترطت عملية التطبيع باحترام دولة الاحتلال لكل الحقوق الفلسطينية بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
ورأى عبد العاطي أن هذا الأمر يُشكّل تراجعاً كبيراً في دعم القضية الفلسطينية، إضافة إلى أن السلطة لم تحل لجنة التواصل مع المجتمع الإسرائيلي التي يرأسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد المدني.
وقال: "القضية الفلسطينية كانت وما زالت ليست قضية أنظمة فحسب، إنما قضية شعوب، وهذا ما ينبغي العمل عليه باتجاه تعزيز وعي المواطن العربي وإعادة إحياء القضايا الوطنية والقومية".
وأضاف عبد العاطي أن "المطلوب فلسطينياً الالتزام بقرارات الإجماع الوطني وعلى رأسها اجتماع الأمناء العامين والمجلسين الوطني والمركزي التي اشترطت سحب الاعتراف بالاحتلال والتحلل من التزامات أوسلو".
وطالب عبد العاطي، المجتمع الدولي بالتحرك لإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وحق العودة وفق قرار١٩٤.

