فلسطين أون لاين

​أزمة الكهرباء تلاحق "الأطفال الخدج" في غزة

...
غزة - مريم الشوبكي

الأصوات المنبعثة من أجهزة الحضانة تعني صوت الحياة للخدّج فيها، وعلى أصواتها تعيش أمهاتهم على أمل سماع خفقاتِ قلوبهم من وراء الزجاج عند كل زيارة، منتظرين بفارغ الصبر اللحظة التي سيحتضنَّ فيه أطفالهن بعيداً عن أجهزةٍ أنقذت حياتهم.

في غرفة الحضانة وقفت أم وليد عزام قبالة الزجاج الفاصل بينها وبين سرير "حفيدها"، كانت تنظر بعينين ذابلتين إلى ملامحه لتتأكد من أنه حي يرزق، فيما الأسئلة تجول بخاطرها في ذات الوقت عن مصيره إذا ما توقفت الأجهزة عنه لساعات.

تقول عزام لـ"فلسطين": "حفيدي عمره يومان، وبعد ولادته اكتشفَ الطبيب وجود ماءٍ داخل رأسه، مما استدعى وضعه في الحضانة سريعاً ليبقى تحت الملاحظة خوفاً على حياته".

وتضيف: "منذ دخوله الحضانة نعيش في حالة خوف وترقب حول مصيره، وكل يوم أقوم بزيارته مع والده للاطمئنان عليه، وسؤال الأطباء عن تطورات حالته الصحية، وقد يتطلب إجراء عملية جراحية لشفط الماء من رأسه".

وتتابع عزام: "حينما أرى قلبه يخفق من وراء الزجاج يتجدد لدي الأمل بأنه سيشفى ويعود إلى أمه المسكينة التي لم تتمكن من ضمه لحضنها".

وتخشى من استمرار أزمة الكهرباء والوقود؛ والتحذيرات التي أطلقتها وزارة الصحة بشأن تهديدها لقسم الحضانة، قائلةً: "انقطاع الكهرباء عن أجهزة الحضانة يعني الموتُ لحفيدي، ولسائر الأطفال الذين يولدون يومياً ويحتاجون إلى عناية مكثفة في الحضانة".

يكفينا مآسي

أما أم محمد هاشم ( 47 عاما)، التي مر على وجود حفيدتها تحت أجهزة الحضانة شهرين، بسبب ما تعانيه من مشكلةٍ صحية في أمعائها، أدت إلى تدنٍ في وزنها مما استدعى بقاءها في الحضانة تحت الملاحظة.

وتقول أبو هاشم لـ"فلسطين": "ولادة ابنتي كانت متعثرة وعانت من آلامٍ جمَّة، وهذا الأمر أثر على الجنين، ولكن من لطف الله أن بقيت طفلتها على قيد الحياة؛ ولكنها تعاني من وضع صحي صعب".

وتتابع: "يومياً أزورها مع والدتها، ورؤيتنا لها من خلف الأجهزة مؤلم للغاية ولكن في نفس الوقت يمنحنا أمل أنها لا تزال تنبض بالحياة، ولا نتخيل يوماً أن تتوقف هذه الأجهزة فجأة بسبب أزمة الكهرباء التي تعاني منها غزة".

وتناشد أبو هاشم المجتمع الدولي والجهات المعنية بتوفير الوقود لتشغيل محطة الكهرباء، على الأقل للمستشفيات التي تعج يومياً بالمرضى.

ويبدو أن السيل فاض الزبى وهو تعبير عما يعتمل في داخلها: "يكفينا المآسي التي نعيشها من حصار ووضع اقتصادي صعب، يريدون أيضاً أن يسلبوا منا حياتنا، لماذا يعاقب المرضى بمناكفات لا ذنب لهم فيها؟".

كارثة حقيقية

من جانبه قال رئيس قسم الحضانة في مجمع الشفاء الطبي د. علام أبو حامدة، أن الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وأزمة الوقود ينذران بكارثة حقيقية ستصيب الحضانة، إذا لم يتم تدارك الأمر في أقرب وقت.

وبين أبو حامدة لـ"فلسطين" أن بعض أجهزة الحضانة أصابها العطب، نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء، كما تواجه وزارة الصحة مشكلة في توفير قطع غيار لها بسبب عدم توافرها في السوق المحلي.

وشدد على أن "الخدج" حالات حساسة جداً تحتاج إلى الرعاية التامة، والمراقبة الحثيثة، حيث إن جميع الأجهزة داخل الحضانة تعتمد على التيار الكهربائي بشكل متواصل على مدار الساعة.

وحذر من وفاة بعض الأطفال الموجودين في القسم في حال استمرار أزمة الكهرباء والوقود، لأن الكادر الطبي لن يستطيع حينها التدخل لإنقاذ حياتهم.

وتحتاج مرافق وزارة الصحة بغزة حوالي 2000 لتر يوميا من الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية، بحسب المسؤولين في الوزارة.

وأشار أبو حامدة إلى أن الحضانة هي أكبر حضانة في فلسطين قاطبة، وتضم 30 سريرا، بالإضافة إلى خمسة أسرَّة استقبال، وهي تخدم كل مستشفيات القطاع.

ولفت إلى أن معدل الدخول للحضانة 200 حالة شهريا، ويحتل الخدج ما نسبته 45% إلى 50%، وهم يعانون من مشاكل صحية مختلفة سواء في التنفس أو مشاكل خلقية، وبعض الحالات تحتاج إلى جراحة أطفال أو أعصاب.