فلسطين أون لاين

"حمادة" مبادر يقاتل "كورونا" بمضخة ومواد تعقيم

...
غزة-مريم الشوبكي:

في بيوت محجورة صحيًّا وقف أصحابها على النوافذ يستقبلونه بالورود، لمبادرته الرامية للتعقيم في مواجهة فيروس كورونا الذي يصيب يوميًّا غزيين جددًا.

حمادة زايد سلاحه في محاربة كورونا مضخة مليئة بمواد التعقيم يحملها على ظهره، وهو يرتدي السترة الواقية التي تغطيه من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه وقناعًا واقيًا، يوجه رشاش خرطومها ليعقم كل الزوايا والأسطح.

منذ تسجيل عدد من الإصابات بفيروس كورونا، تولدت لديه فكرة تعقيم البيوت التي فرض عليها حجر صحي، أو حتى المتنزهات والمراكز العامة والشوارع، وحتى المدارس.

حمادة (30 عامًا) من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، هو عامل لديه ثلاثة أطفال، أخذ على عاتقه إطلاق مبادرته الفردية "تعقيم البيوت والمرافق العامة" على نفقته الشخصية في بادئ الأمر.

بحث حمادة عمن يساعده في إنجاح مبادرته، عرض الفكرة على مزارع بسيط من منطقته لديه جرار زراعي تبرع له باستخدامه متى يشاء، وهو تكفل بتوفير مضخة كبيرة تعمل بالسولار يستخدمها المزارعون في رش المبيدات الحشرية، أما هو فملأها بمواد تعقيم استشار أهل الاختصاص في كمياتها ونسبها الصحيحة.

عند تسجيل بلدة بيت لاهيا أعدادًا من الإصابات زاد عمل حمادة فأصبح يعقم يوميًّا لفترتين صباحية ومسائية، وعن ذلك يقول لصحيفة "فلسطين": "نحن في بيت لاهيا أسرة واحدة ملتزمون العادات والتقاليد الإيجابية، ومن منطلق حبي لبلدتي كان واجبًا علي تقديم ما أستطيع لتخفيف من وطأة الفيروس عليهم، ووجدت ترحابًا لافتًا من الأهالي".

في بادئ الأمر عقم حمادة الشوارع والمتنزهات العامة، ومن ثم انتقل إلى البيوت التي فرض عليها حجر صحي، والمدارس الابتدائية والثانوية، والبنوك في أثناء صرف الرواتب.

ويتابع: "خصصت كل وقتي لتعقيم الأماكن في بلدة بيت لاهيا وعقمت أغلب البيوت المحجورة حتى الآن وثماني مدارس، ولم يكن الأمر عشوائيًّا فقد أخذت تصريحًا بذلك (...) ولاحقًا توجهت لبيت حانون وعقمت عددًا كبيرًا من البيوت المحجورة فيها".

يبدأ حمادة عمله شبه اليومي في الفترة الأولى من الثامنة صباحًا حتى 11 ظهرًا، والفترة المسائية من الثالثة عصرًا حتى السادسة مساء، ويتوقف ذلك على مقدار تبرع أهل الخير من توفير مواد التعقيم والسولار الذي سيعمل عليه الجرار الزراعي والمضخة الكبيرة لا سيما إذا كانت مساحة المكان كبيرة.

ويثني على دعم بعض الجمعيات الخيرية وأهل الخير، على توفير المواد اللازمة لتعقيم في أحيان كثيرة.

ويطالب مؤسسات المجتمع بدعم مبادرته لضمان استمرارها، وتوسعة انتشارها لتشمل مناطق أخرى في قطاع غزة، حتى تتم السيطرة على الوباء والمساهمة في تخفيف أعداد الإصابات.

ومن أكثر الأماكن تفاعلًا مع مبادرة حمادة، كانت مدرسة الشيماء الثانوية للبنات في بيت لاهيا، وفق الشاب.

وتقول مديرة المدرسة وصال عزيز: "عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعرفت إلى حمادة وتواصلت معه لإجراء تعقيم للمدرسة، حمادة يبذل جهدًا كبيرًا دون أي مقابل مادي يقوم بعمله على أكمل وجه".

وتضيف لصحيفة "فلسطين": "طالبتي هم أمانة في عنقي، ومن واجبي المحافظة عليهم (...) التعقيم الدوري يشعرني ويشعر أهالي الطالبات أيضًا بالأمان".

وتشير مديرة المدرسة إلى أن المدرسة ملتزمة تطبيق إجراءات الوقاية، من قياس درجة حرارة الطالبات يوميًّا، وتعقيم الأيدي عند الدخول والخروج من المدرسة، وكذلك تنطبق هذه الإجراءات على المعلمات والزوار أيضًا، مع توزيع مطويات توعية عليهم.

وفي رسالة تختم بها حديثها تدعو المجتمع للالتزام في إجراءات الوقاية من حيث التعقيم ولبس الكمامات الواقية وترك مسافات، فالاستهتار يؤدي إلى تزايد في أعداد الإصابات اليومية.