يُساور القلق ممثلين عن القطاع الخاص من عودة الجهات الحكومية بغزة إلى الإغلاق الشامل في إطار الإجراءات المتبعة للحد من تفشي وباء كورونا الآخذ في التصاعد، محذرين من أن الإغلاق سيؤدي إلى انهيار اقتصادي كبير في وقت أن غزة منهكة اقتصاديًّا وبرامج التعويض الحكومية محدودة جدًّا.
وحثوا الجهات الحكومية بغزة على التشاور معهم من أجل وضع خطة مدروسة للتعايش مع المرض وعدم اتخاذ "قرارات فردية"، مع تأكيد ضرورة تشديد العقوبات بحق المخالفين سواء الأفراد أو المؤسسات.
ويشهد قطاع غزة في الوقت الراهن انتشارًا كبيرًا لجائحة كورونا، وهو ما دفع بالجهات الحكومية إلى تقليص عمل الأنشطة التجارية والصناعية من الساعة الثامنة إلى الخامسة مساءً.
وأكد علي الحايك، نائب رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية، أن الوضع الاقتصادي بغزة منهك أساسًا، ومن ثم فتوجه الجهات الحكومية بغزة للإغلاق الشامل يعني حدوث انهيار اقتصادي كبير سيكون له تبعات سلبية لاحقًا على عجلة الاقتصاد.
وقال الحايك لصحيفة "فلسطين": إن الواقع الاقتصادي في قطاع غزة يختلف عن الدول المحيطة، حيث إن القطاع منهك اقتصاديًّا في الأساس بسبب الحصار والعقوبات، ومن ثم العودة إلى الإغلاق بسبب كورونا سيكون سلبيًّا جدًّا على الأنشطة التجارية والصناعية والسياحية والأيدي العاملة وقطاع النقل وغير ذلك من النشاطات.
وأشار الحايك إلى ضعف الدور الحكومي في تعويض المتضررين بغزة لأسباب لها علاقة بنقص المال وأخرى بمناكفات سياسية.
وعارض الحايك خطوة تقليص النشاط التجاري بغزة من الساعة الثامنة إلى الخامسة مساءً، مشيرًا إلى أن هذا التقليص تسبب في إرباك حركة الأفراد والأسواق بشكل عام.
ودعا الحايك الجهات الحكومية بغزة إلى التشاور مع القطاع الخاص قبل اتخاذ ما وصفها بـ"قرارات فردية"، حتى تكون القرارات مشتركة ووفق دراسة ممنهجة، والتي من شأنها أن تساهم في الخروج برؤىً واسعة لتخطي الأزمة الصحية التي يعيشها القطاع.
من جانبه يرى د. ماهر الطباع، مسؤول العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، أن العودة إلى الإغلاق الشامل غير مجدية في ظل عدم وجود مقومات اقتصادية في قطاع غزة.
ويقترح الطباع في حديثه لصحيفة "فلسطين" الاستفادة من دول الجوار في تعاطيها مع تطويق المرض وفي الوقت نفسه إبقاء الأنشطة الاقتصادية تزاول نشاطها، كأن يتم فرض طوق شامل يومي الخميس والجمعة وإبقاء بقية الأعمال تزاول فيها الأنشطة أو أن تُخصَّص أيام محددة في الأيام لكل قطاع، وذلك للحد من الازدحام خاصة في الأسواق.
وأشار الطباع إلى أن أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل بسبب جائحة كورونا بغزة، علاوة على تجاوز معدلات الفقر (53%)، إضافة للركود في الأسواق نتيجة الخصم من الرواتب التي أدت إلى تراجع في الحركة الشرائية في قطاع غزة.
من جهته يرى الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل، أن التعايش مع الوباء أفضل من العودة للإغلاق الشامل، استنادًا لما أظهره الإحصاء من تحسين في دورة رأس المال في فترة محددة من التعايش.
وقال نوفل لصحيفة "فلسطين": إن جهاز الإحصاء المركزي أظهر أن الأداء الاقتصادي لدورة رأس الأعمال في شهر أكتوبر تحسن بسبب التعايش مع وباء "كورونا"، كما أن (40%) من العمال الذين تغيبوا عن العمل رجعوا لأماكن عملهم.
وأضاف نوفل أن من القطاعات الاقتصادية من لم تلتزم التعليمات المطلوبة منها من أجل الحد من الوباء، كارتداء الكمامات داخل المؤسسات العاملة والمصانع والتباعد الاجتماعي.
ودعا نوفل إلى فرض تلك الإجراءات بقوة حتى باستخدام وسائل عقابية وعقوبات، وإلا فإن الجهات الحكومية ستكون مجبرة على العودة إلى الإغلاق الشامل.