أعلن حسين الشيخ وزير التنسيق الأمني قبل يومين أن الرئيس محمود عباس حقق إنجازًا غير مسبوق، بعد رسالة تلقاها الشيخ من نظيره الجنرال المنسق كميل أبو ركن الضابط المسؤول عن الإدارة المدنية، ولم يكتفِ الشيخ بذلك، بل دعا الشعب الفلسطيني للاحتفال بذلك.
ما قاله الشيخ يعبر عن السلطة وحركة فتح، وأنهما وجدتا ضالتيهما في رسالة أبو ركن ليجد عباس مخرجا من المأزق الذي وضع نفسه فيه، بعد أشهر من إعلانه قطع العلاقات مع الاحتلال ولن يتعامل مع ادارة ترامب، وهو ما اعلنه المجلس المركزي، لكن هدية أبو ركن كشفت حجم التضليل الذي تمارسه السلطة، وتريد من الشعب الفلسطيني تصديقها في ذلك.
التنسيق الأمني لم يتوقف لحظة واحدة، والدعم الأمريكي لم يتوقف، لكن استمرار التدفق لجيب رئيس المخابرات ماجد فرج عراب التنسيق الأمني مع حسين الشيخ، الى جانب علاقاته مع المخابرات الامريكية التي تتبنى دعم السلطة بشكل مباشر وعبر ميزانية خاصة بعلم إدارة ترامب، باعتبار الأجهزة الامنية في الضفة تنفذ السياسات الامريكية المرتبطة بما تسمى مكافحة الإرهاب.
انتصارات حسين الشيح الوهمية الناتجة عن معارك مفتعلة هي سياسة السلطة في السنوات الاخيرة لتمرير مشاريع التسوية، فمسار التسوية هو السبيل الوحيد لاستمرار وجود السلطة، وإن ذهابها لمسار المصالحة هو سير المضطر، واستخدامه للتلويح ضد الاحتلال بوجود مسارات اخرى، لكن في الحقيقة لم يكن سوى تمضية وقت، وإيهام الشارع الفلسطيني برغبتهم في المصالحة.
الثابت أن السلطة ومن خلفها حركة فتح برئاسة أبي مازن لم تغير من جلدها الذي يتبنى التسوية مع الاحتلال عبر التفاوض والتنسيق الأمني والمراهنة على الادارة الامريكية، وأن المصالحة مجرد ورقة لإشغال الساحة فيها.
لا يمكن لمصالحة داخلية أن تنجح في ظل حسابات ورهانات السلطة على الاحتلال والادارة الامريكية القادمة التي ستبيعها الوهم والكلام المعسول، وسنمضي اربع سنوات جديدة بالمراوغة كما فعل اوباما الرئيس الامريكي السابق الذي كان بايدن نائبه في حينه، لكن بشكل اكثر لطفًا من وقاحة ترامب، وسيواصل المراهنون السير في مسار الأوهام دون تحقيق أي هدف سوى الحفاظ على بقائهم في مناصبهم وحماية مصالحهم الاقتصادية ومصالح أبنائهم .