أثار إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي طرح مناقصة لبناء 1257 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "جفعات هماتوس" بمدينة القدس، ردود فعل محلية وإقليمية ودولية منددة.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، إن طرح عطاءات بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة بأنه من أخطر العطاءات التي تؤثر على الوضع القائم والمستقبلي لمدينة القدس.
وأوضح عساف في حديث لـ"إذاعة القدس"، أن المخطط يهدف لإغلاق الحدود الجنوبية لمدينة القدس وإتمام محاصرتها، حيث هناك بعض الثغرات التي تربط شرقي القدس بمناطق الضفة المحتلة، مشيرًا إلى أن العمل على إغلاقها سيكون من خلال إنشاء وتوسيع المستوطنات القائمة في المناطق التي تعتبر مناطق ربط بين شرقي القدس والضفة.
وأضاف مستوطنة "جفعات هناتوف" جنوب القدس تغلق تماما ما بين محافظة بيت لحم والقدس وتعمل على عزلهم تماماً، مؤكدًا وجود نقطتين اتصال في جنوب القدس هي "جفعات هناتوف" وشرق جبل أبو غنيم والتي شهدت أكبر عملية هدم لشقق سكنية في وادي الحمص العام الماضي.
ووفق عساف فإن "الوحدات الاستيطانية الجديدة تستهدف استكمال الربط ما بين الكتلة الاستيطانية من مغتصبة "جيلو" إلى "جفعات هناتوف" ثم إلى جبل أو غنيم وصولاً إلى شرق المدينة مع ما يسمى الشارع الأمريكي الذي سيربط هذه المستوطنات مع مستوطنة معاليه أدوميم.
وتابع "يتم الآن التخطيط لإنشاء مستوطنة جديدة في منطقة المنطار جنوب شرق القدس من أجل ربط الجهة الشرقية للقدس في كتلة استيطانية تمتد من مغتصبة آدم إلى مستعمرات "كفار ادوميم" و"معاليه أدوميم"، و"موشير أدوميم" ثم المستعمرة الجديدة التي يتم التخطيط لها في المنطار"، مضيفًا هذا المخطط يستهدف عزل مدينة القدس بالكامل عن الضفة المحتلة وتغيير التركيبة الديموغرافية في المدينة من حيث استغلال الأراضي الفلسطينية الفارغة وتحويلها إلى مستوطنات.
وأكَّد أن مصادرة أراضي فلسطينية يهدف الاحتلال من خلالها إلى تحويل الأغلبية الديموغرافية لصالح اليهود داخل المدينة وهو جزء من تهويد مدينة القدس، وجزء من استباق الزمن لفرض وقائع خطيرة جداً، متابعًا "المكان المستهدف الأكثر خطورة في الجهة الجنوبية بمحيط مدينة القدس ويشبه ما تم أيام بناء جبل أبو غنيم عام 1967 المسمى مستعمرة "هروحماه" التي تعتبر أكبر المستوطنات في محيط القدس.
وتوقع رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن تقوم حكومة نتنياهو بالتعاون مع إدارة ترامب بالكثير من الخطوات خلال الفترة الانتقالية الأمريكية للإدارة الجديدة، لافتًا لوجود العديد من المشاريع التي تلوح حكومة الاحتلال للقيام بها خلال الفترة المقبلة.
استغلال عامل الوقت
من جانبه، قال النائب عن كتلة التغيير والإصلاح أحمد أبو حلبية، إن الاحتلال يستغل الرهان والدعم الأمريكي لتنفيذ مخططاته الهادفة لتهويد الأرض الفلسطينية.
وندد ابو حلبية في تصريح مكتوب، بمخطط بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة "والذي يأتي لاستغلال آخر أيام ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب".
وقال: "إعلان بناء 1257 وحدة استيطانية قبيل زيارة وزير الخارجية الأمريكية بومبيو، يؤكد الدعم الأمريكي لتنفيذ المخططات الاستيطانية الهادفة لتهويد الأرض الفلسطينية في القدس والضفة بقوة في الفترة المتبقية من حكم الرئيس الأمريكي ترمب".
وأوضح أن الاحتلال "يستغل تطبيع بعض الأنظمة العربية مما يجرئه على بناء مستوطنات جديدة، وتنفيذ المزيد من عمليات التهويد للأرض الفلسطينية المحتلة، مشيراً أن الامارات ساهمت في تسريب 30 مبني في بلدة سلوان لمغتصبين صهاينة خدمة للاحتلال، كما حاولت شراء منازل في القديمة تمهيداً لتحويلها لبؤر استيطانية".
وأشار أبو حلبية إلى أن الاحتلال يحرض على نشر الاستيطان السرطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة، مؤكداً أن ما قام به المستوطنون من جمع أكثر من ٣ مليون شيكل بهدف زيادة عدد المستوطنين في الخليل الى الضعف، بحضور وزير جيش الاحتلال بيني غانتس وآخرين من قيادة الاحتلال "هو امتداد للعقيدة الصهيونية الاستيطانية".
وطالب النائب الفلسطيني بملاحقة قادة الاحتلال، وبفتح تحقيق قضائي حول الاستيطان الاستعماري في "القدس الشرقية"، وسائر أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وفي السياق، وشدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره الفلسطيني رياض المالكي، على "ضرورة وقف (إسرائيل) جميع إجراءاتها اللاشرعية التي تقوض حل الدولتين وفرص تحقيق السلام العادل، وخصوصاً ضم الأراضي وبناء المستوطنات وتوسعتها".
وأكدا خلال لقاء في عمّان إدانة قرار (إسرائيل) بناء وحدات سكنية استيطانية جديدة فيما يسمى بجفعات هاماتوس و رامات شلومو في القدس المحتلة.
انتهاك القانون الدولي
وأدانت وزارة الخارجية المصرية، كذلك قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي طرح عطاءات لإنشاء 1257 وحدة استيطانية جديدة، واعتبرته انتهاكاً جديداً لمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأعرب المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد حافظ في تصريح صحفي، عن قلق بلاده "لما ستؤدي إليه تلك السياسات من تقويض لفرص حل الدولتين، وما قد ينتج عنها من عزل للقدس الشرقية عن محيطها الفلسطيني، كما تحول دون المضي قدماً لإنهاء الجمود الحالي في القضية الفلسطينية".
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان صحفي، إن "(إسرائيل) أظهرت مرة أخرى بأنها تواصل انتهاك القانون الدولي والمساس بحقوق الشعب الفلسطيني، بقرارها حول بناء منطقة استيطانية غير قانونية جديدة تتألف من 1257 وحدة في القدس الشرقية."
وأضافت: "من الواضح أن (إسرائيل) تحاول الحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية متّصلة جغرافيا ومستقلّة وذات سيادة، من خلال بناء المزيد من المستوطنات غير القانونية".
وأكدت الخارجية التركية أنه "في اليوم الذي نحتفل فيه بالذكرى السنوية الـ32 إعلان استقلال دولة فلسطين، نذكّر مرة أخرى بأن الأراضي الفلسطينية هي مُلك للشعب الفلسطيني"، ودعت المجتمع الدولي الذي يدعم رؤية حل الدولتين إلى معارضة مثل هذه الأعمال العدوانية الإسرائيلية.
من جانبه، أعرب مبعوث الأمم المتحدة لعملية التسوية في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف عن قلقه الكبير من قرار سلطات الاحتلال بفتح باب تقديم العطاءات لبناء مستوطنة "جفعات همتوس".
وقال ملادينوف في بيان: إنه" قلق للغاية من قرار (إسرائيل) المضي قدمًا في البناء ضمن مخطط إقامة مستوطنة "غفعات همتوس" جنوب القدس المحتلة، ما سيجعل من الصعب إقامة دولة فلسطينية متصلة".
وأوضح أنه إذا تم بناؤها، فإنها ستعزز حلقة من المستوطنات بين القدس وبيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف أن" من شأن ذلك أن يضر بشكل كبير بآفاق دولة فلسطينية متصلة في المستقبل وتحقيق حل الدولتين المتفاوض عليه على أساس خطوط 1967، بحيث تكون القدس عاصمة للدولتين".
واعتبر أن بناء المستوطنات غير قانوني بموجب القانون الدولي، داعيًا سلطات الاحتلال إلى التراجع عن هذه الخطوة.
احتجاج أوروبي
وفي السياق، نظم رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي وسفراء وقناصل دول أوروبية "زيارة" احتجاجية الى مستوطنة "جفعات هاماتوس" جنوب القدس المحتلة، رفضا لقرار توسعتها بـ1257 وحدة استيطانية جديدة.
وأكد رؤساء البعثات، من سفراء وقناصل وممثلي دول أوروبية مختلفة، أن من شأن توسيع المستوطنة المذكرة وبناء حي جديد فيها، قطع التواصل الجغرافي بين مدينتي القدس وبيت لحم.
في غضون ذلك، تظاهر مستوطنون أمام وفد الاتحاد الأوروبي لدى وصوله المستوطنة، وهتفوا الى جانب أعضاء من بلدية الاحتلال بالقدس، ضد أعضاء الوفد، وقطعوا تصريحا صحفيا حاول الادلاء به أحد ممثلي الاتحاد.