ليست المشكلة في الكاتب يماني السعودي، ولكن المشكلة في صحيفة عكاظ السعودية التي نشرت المقال، وروجت لافتراءات الكاتب، وعندها الدليل القاطع على مخالفة الكاتب لما أجمع عليه السلف، وسار عليه الخلف، وما زالوا عليه حتى يومنا هذا.
المسجد الأقصى في فلسطين هو قبلة المسلمين الأولى، وهو ثاني المساجد على الأرض بعد المسجد الحرام، وقيل في بنائه بنته الملائكة، وقيل بنته الجن، وإليه كان إسراء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المسجد الذي وصفه النبي لقريش لما تحدته بطلب وصفه، وهو المسجد الذي فهمته قيادات قريش الكافرة عندما أنكرت خبر الإسراء، حيث قالوا: نضرب إليه أكباد الإبل شهرًا، وأنت تزعم أنك أتيته في ليلة؟!
كان الرجل الجاهلي يحترم عقله، ويحترم من حوله، فلم يقُل في الأقصى إنه مسجد الجعرانة في الطائف كما يقول يماني، وكما نشرت عكاظ السعودية المقربة من الحكومة. الجعرانة كان يصلها الجاهلي على جمله في سويعات، ولو كان مسجدها هو المقصود ما قال في تحديهم للنبي نضرب إليه أكباد الإبل شهرًا؟! ولما طلبوا من محمد صلى الله عليه وسلم أن يصفه، فكل أهل مكة في الجاهلية يعرفون الطائف ويتجرون إليها، ويصلون إليه في ساعات قليلة؟!
الكاتب يماني ليس هو الأول الذي يزعم هذه المزاعم الباطلة، فقد سبقه إليها كاتب مصري، وهذا يردد ما قاله المصري، وعليه نقول إن هذه الأقوال الباطلة تقوم على قواعد سياسية فاسدة تستهدف خدمة (إسرائيل) وتبرير ضمها للقدس، وتستهدف وقف مطالبة الشعوب الإسلامية لقادتهم بتحرير الأقصى من دنس يهود.
هذه المزاعم الباطلة لم نسمعها، ولم نقرأها على صحف المملكة في زمن الملوك السابقين سعود، وفيصل، وفهد، وعبد الله، ولا في زمن من سبقهم في التاريخ من أبناء الملك عبد العزيز، فكيف تجرأ يماني، وكيف تجرأت عكاظ على نشر هذه المزاعم المخالفة للدين وللتاريخ وللواقع، ولتاريخ الأسرة السعودية الحاكمة؟!
هل هذا الإفساد المتعمد يدخل تحت قانون حرية الرأي والتعبير التي تعمل به فرنسا في نشرها للرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم؟! إن ما نشرته عكاظ أبشع، وأسوأ، وأفسد، مما نشرته الصحف الفرنسية، وعليه أطلب من الملك سلمان وولي عهده أن يمنعوا نشر مثل هذا الأكاذيب، حتى لا تحملهم الشعوب مسؤولية ما ينشر تجديفًا وبهتانًا، من أناس يجهلون قيمة الكلمة، وقيمة الصدق، وقيمة متابعة السلف الصالحين، ويجهلون قيمة فلسطين والمسجد الأقصى فيها، وكونه قبلة المسلمين الأولى ويقع على الأمة كلها واجب إعادته للسيادة الإسلامية، وإنهاء سيادة اليهود عليه؟!