فلسطين أون لاين

بعمر 6 أعوام.. "صهيب" "يتذوق حلاوة" حفظ القرآن

...
غزة-مريم الشوبكي:

لاحظت فاطمة نباهة وذكاء ابنها صهيب، في عمر الرابعة والنصف بدأت تعلمه القاعدة النورانية في وقت قصير فأتقنها، سرعة بديهته وحفظه جعلاها تتجه نحو تحفيظه القرآن الكريم، ونجحت بالفعل في هذه السن في تمكينه من حفظ جزء عم.

انتبه والده الداعية محمد عوض باختلاف ابنه عن بقية إخوته، فوضع هدفًا أمامه بأن يكون صهيب أصغر حافظ للقرآن الكريم على مستوى فلسطين، وبالفعل في عمر الخمس سنوات ونصف السنة تولى دفة تحفيظه، فكان له ما أراد وهو لم يتجاوز الستة أعوام ونصفًا.

صهيب من محافظة رفح، حباه الله بوالدين من حفظة القرآن الكريم وكذلك أخته وأخوه اللذان يكبرانه، هذا الجو الروحاني منحه دافعية وإرادة بأن يكون مثلهما بل ينافسهما ويتفوق عليهما.

التاسعة صباحا هي نقطة التحول في حياة صهيب، حيث معها بدأ مشواره نحو إتمام حفظ آيات كتاب الله العزيز، هكذا حتى أذان الظهر، يكون خلالها قد أتم تسميع خمس صفحات من القرآن.

تقول فاطمة كراجة (29 عامًا) الحاصلة على سند غيبي في القرآن لصحيفة "فلسطين": "صهيب قدراته العقلية سابقة سنه، فلديه قدرة على الحفظ، وأيضًا أتقن لفظ الحروف بأحكامها، وأصبح بعدها لا يجد صعوبة في قراءة أي كلمة في القرآن، وذكاء في مذاكرة دروسه فهو الأول على صفه في الروضة والمدرسة، أيضا ذكي في الرياضيات".

وتضيف: "لكي يكون صهيب على ما عليه الآن، وضعنا خطة معينة التزمنا تنفيذها معه بأن يحفظ خمس صفحات يوميا، حيث يتلو الآيات على أبيه ويصحح له، ومن ثم يسمع له ما حفظ".

وصاحب الإنجاز دائما يتسابق الآخرون على أن يكون لهم نصيب من شرف ما حازه، فكيف إذا كان هذا الإنجاز حفظ القرآن الكريم كاملًا، حيث إن أساتذته في المدرسة الشرعية تنافسوا على أن يجعلوه في صفوفهم.

ساعتان ونصف يوميًّا كان يخصصها والده محمد، ويؤجل جميع مشاويره والتزاماته ومواعيده حتى يحقق حلمه، وتشير فاطمة إلى أن لأستاذه في المدرسة فضلًا في تحفيظه، فهو كان يتولى التسميع له.

لم ينسَ والده الدعم المعنوي والمادي، لتشجيع طفله صهيب على مواصلة الحفظ ومنحه دافعية نحو الاستمرار إذا تسلل الملل للحظة إليه، لا سيما أن حفظ آيات القرآن الحكيم تحتاج إلى مجهود ذهني كبير.

كأي حافظ بدأ صهيب بحفظ جزء عم وانتهى بسورة البقرة، ويسعى والده في المرحلة القادمة إلى تثبيت القرآن في ذاكرته حتى لا يتفلت منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "تعاهدوا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشد تفلتًا من الإبل في عقلها".

بدأت ساعة الصفر من اتمام حفظ صهيب للقرآن كاملا تقترب، ترك فاطمة محاضراتها في الماجستير، وفرغت نفسها لهذا اليوم الذي طالما انتظرته، جلس صهيب يتم تسميع آخر آيات من سورة البقرة، والأم اغرورقت عيناها بالدموع.

"حينما أنهى آخر آية، بكينا بكاء فرحة وغبطة احتضناه حضنا دافئا طويلا كله فخر وعزة، ثم سجدنا سجود الشكر بأن من الله علينا بحفظ صهيب للقرآن كاملا من غير حول لنا ولا قوة" وفق وصف والدته.

أجمل فرحة يمكن أن تعيشها أي أم في حياتها، هي ختم أبنائها حفظ القرآن كاملا، وتتمنى فاطمة أن تعيش كل أم اللحظات التي عاشتها لتتذوق حلاوة تفوق أي شعور آخر في هذه الدنيا.

وتبين والدته أن لصهيب شأنًا في الخطابة أيضا، لامتلاكه مفردات ومصطلحات تؤهله لأن يكون خطيبا في يوم من الأيام.

وتختم حديثها بنصيحة لكل أم وأب ألا يتركوا أبنائهم أسرى للهواتف الذكية، أو للعب في الشارع بلا أي هدف، بل اشغلوهم بالقرآن حتى يكون لهم شأنا عظيما ومقاما عاليا في الدنيا والآخرة، وإن قرروا ذلك الا يرهقوهم في الحفظ بل يراعوا قدراتهم ويحببوهم بكتاب الله حتى يتنافسوا على حفظه.