فلسطين أون لاين

"هديل" قشعت 5 سنوات من البطالة بـ"زنجبيلا"

...
غزة-مريم الشوبكي:

خمس سنوات انضمت فيها هديل قشوع لطابور البطالة في الضفة الغربية المحتلة، عاشت مرارة بقاء شهادتها في الهندسة الزراعية حبيسة الأدراج، قررت أن تنفض الغبار عنها، بحثت عن فكرة مشروع خاص بعيدا عن الوظيفة، وأرادت أن يكون الأول من نوعه في فلسطين فكان "زنجبيلا".

أرادت أن تخوض تجربة زراعة الزنجبيل لأول مرة في الضفة الغربية، لم تجد أرضا زراعية قريبة من مسقط رأسها بلدة علار شمال طولكرم، فلمعت في ذهنها فكرة تحويل سطح منزلها لحديقة زنجبيل خضراء أينعت ثمارها وينتظر قطافها في ديسمبر/كانون الأول.

هديل (27 عاما) أرادت أن تثبت ذاتها في مشروع لها بصمة فيه، لا مصدر مال لديها ليغطي تكاليف المشروع، إلى أن وجدت إعلانا لجمعية الإغاثة الزراعية يدعم فكرة مشروعها، فحضرت اللقاء الذي عرفت فيه آلية التقديم والشروط والقائمين على المشروع.

رصت هديل قوارير متوسطة الحجم على مساحة تسعة أمتار وزرعت بهم 600 شتلة زنجبيل في مايو/أيار، تتنقل بين أوراقها الخضراء وهي باسمة الثغر لأنها ترى نجاح مشروعها الذي راهن على نجاحه الكثيرون وأنبتت الشتلات بالزنجبيل الأخضر.

تقول لصحيفة "فلسطين": "في البداية المعلومات عن زراعة الزنجبيل في فلسطين كانت شحيحة لدي لأن معظم المزارعين يجهلون الطريقة لأنهم لم يجربوا زراعته من قبل، فبدأت التقليب بين صفحات الشبكة العنكبوتية عن كيفية زراعته، وبالفعل بدأت بتطبيق ما تعلمته على بذرة واحدة، وحينما نجحت تقدمت بأوراق مشروعها بقلب قوي".

تضيف: "في التجربة الأولى كان النجاح والفشل يتناصفان في النسبة، لأن الزنجبيل محصول يزرع في المناطق الاستوائية في شرق آسيا كالهند، ويحتاج إلى درجات حرارة عالية مع رطوبة وفيها مخاطرة كبيرة، ونجاحي في زراعته هو انتصار كبير بالنسبة لي".

النجاح سبقته عثرات وصعوبات، لم تجد هديل شتلات للزنجبيل في المشاتل، لذا بدأت رحلة "التشتيل" من بدايتها حيث حصلت على التقاوي من محصول مستورد، ووضعت في ظروف مناخية معينة واستطاعت أن تخرج شتلة منه، في عملية بحث وتنقيب عن معلومات لطريقة الزراعة تعلمتها عن طريق التجربة والخطأ.

انتظار بفارغ الصبر

وعن تكلفة مشروعها الإجمالية، تذكر أنها نحو 5000دولار، حيث تشمل مرحلة توفير البذور والقوارير وشبكات الري، مرورا بمرحلة التغليف والتي ستتم في ديسمبر/كانون الأول.

وعن سبب اختيارها لزراعة الزنجبيل، ترجع الأمر إلى قلة وجود ثماره الخضراء الطازجة في الأسواق بعكس الزنجبيل المطحون، وأيضا لجدواه الاقتصادية لارتفاع ثمنه.

وتنتظر هديل بفارغ الصبر قطاف ثمار مشروعها والذي بها تحدد نسبة نجاحه، وفي حال حقق نتائج مرضية لها، ستسعى إلى تطوير المشروع بزيادة المساحات المزروعة، وإدخاله في صناعات أخرى لفتح خط انتاج جديد يزيد من أرباح مشروعها، ويوفر فرصا لعاطلين آخرين عن العمل.

والزراعة على السطح تعد من أنماط الزراعة الحديثة، التي توفر مساحة ووقتا وجهدا، تلفت إلى أن مشكلة الزراعة التقليدية هي التكاليف العالية ووفرة الانتاج وبالتالي تدني أسعار المنتجات، بعكس الأنماط الجديدة التي توفر مزروعات نادرة وبسعر أعلى.

وقبل شهر على قطاف ثمار الزنجبيل، استثمرت هديل الوقت في التشبيك مع التجار، وأصحاب مصانع على توريد المنتج لهم لإدخاله في صناعات محلية.

وتوجه رسالة لكل شاب وشابة يمرون بمرحلة البحث عن العمل ويعيشون مرارة البطالة، بالتنقيب عن أفكار ابداعية والعمل على تحقيقها على أرض الواقع وعدم الالتفات إلى الانتقادات والكلام المثبط.

وتدعوهم إلى وضع الهدف أمامهم وصب جل اهتمامهم نحو تنفيذه، قائلة: "الفشل وارد في البداية ولكن النجاح سيتحقق في نهاية الأمر، وبذلك سيوفرون فرصة عمل لهم ولغيرهم أيضا".