اقتربت الذكرى السادسة عشرة لاستشهاده وما زال الرئيس الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) حيًّا يعيش بين الفلسطينيين، يحيون ذكراه في كل عام، ويستحضرونه عند كل محطة أو معضلة، وهذا يدفعنا للتساؤل: ما الذي يميز شخصية ياسر عرفات عن غيره من القادة والزعماء؟
أولًا: شخصية ياسر عرفات.
1. ياسر عرفات ينتمي لمدرسة الكفاح المسلح، تلك المدرسة التي تعشقها كل الشعوب على هذه الأرض، لا سيما الشعوب التي تبحث عن الحرية والانعتاق من الاحتلال.
2. ياسر عرفات لم يتعاطَ مع شعبه وفق نظرية الرئيس أو القائد ولا حتى الزعيم، بل انطلق من نظرية الأب الذي يقبّل قدم الجريح ورأس أم الشهيد ويد الطفل، اقترب من شعبه فاقتربت منه الجماهير، هذا هو السر في رمزية الرجل.
3. شخصية وكاريزمية ياسر عرفات بالبدلة العسكرية والكوفية، وبكلماته البسيطة التي تخاطب القلب، والبساطة في كل شيء.
4. لم يكن سهلًا على رئيس السلطة محمود عباس أن يتسلم السلطة بعد ياسر عرفات، لأن عباس رجل مؤسسات وهذا لا ينسجم مع دولة ومؤسسات تحت الاحتلال، فكانت قرارات عباس بقطع رواتب الأسرى والمحررين والموظفين، وبعض الإجراءات السلبية تجاه شعبه، ساعدت وساهمت في تعزيز رمزية ياسر عرفات من خلال مقارنة الشعب بين العهدين.
5. غموض الرجل، الذي كان يدعم المقاومة المسلحة سرًّا ويتحدث عن السلام جهرًا، وكذلك غموض اغتياله منحه مزيدًا من الاهتمام الداخلي والخارجي.
في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد عرفات لا يسعني إلا أن أقول لمحبيه ما يأتي:
1. محبة ياسر عرفات تكون بالسير وتبني نهجه، لا سيما النهج الذي أكسبه الزعامة وهو العودة لنهج الكفاح المسلح مع هذا الاحتلال الكولونيالي الصهيوني الذي لا يفهم سوى لغة القوة.
2. ياسر عرفات كان عنوانًا للوحدة والتسامح وعلى محبيه أن يكونوا كذلك، فمنهج الإقصاء والانقسام والتشرذم لا يبني وطنًا.
3. ياسر عرفات هو رئيس الشعب الفلسطيني واغتياله هو اغتيال أحلام شعب بأكمله، فملف اغتيال عرفات ينبغي الإسراع بإنجازه وإعلام الشارع الفلسطيني إلى أين وصل؟ وما الخطوات التي اتخذت بحق القاتل كان فردًا أو دولة؟
ثانيًا: ملف اغتياله.
ستة عشر عامًا ولم تتمكن أجهزة أمنية احترافية فك لغز اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حركة فتح ياسر عرفات، فهل هناك عقل يصدق بأن هذا الملف قيد ضد مجهول؟ بالتأكيد لا، وحتى الرئيس عباس في أكثر من مناسبة كان يتحدث عن قرب الإعلان عن المتورطين في اغتيال الشهيد ياسر عرفات، ولكن فجأة غاب الملف وغابت لجنة التحقيق برئاسة اللواء توفيق الطيراوي، وغابت الحقيقة عن الشعب الفلسطيني وعن جماهير حركة فتح، وعن أحرار الأمة، يا ترى لماذا يتم ذلك؟ فمن حق شعبنا الوقوف عند الحقيقة.
رحم الله ياسر عرفات، فقد مات الجسد وبقيت الفكرة وعلى محبيه الحفاظ عليها ليس فقط بإقامة المهرجانات ولكن بالسير على خطاه، وتقييم تجربته، وتبني الإيجابي منها وتعزيزها، ولفظ أي أخطاء وقعت خلال مسيرته الحافلة.