فلسطين أون لاين

لا مأوى ولا كهرباء بعد هدم الاحتلال مساكنَهم

تقرير أوضاع صعبة يعيشها أهالي "حمصة الفوقا" في الأغوار

...
صورة أرشيفية
الأغوار-غزة/ نور الدين صالح

ليلة قاسية بكل تفاصيلها أمضتها عائلة المواطن ياسر أبو الكباش (47 عاماً) في العراء تحت زخات الأمطار، بعدما هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي "البركس" الذي تحتمي به في منطقة خربة حمصة الفوقا في الأغوار الشمالية.

لم يكن هناك من خيار أمام عائلة "أبو الكباش" سوى افتراش الأرض بعدما هدمت جرافات الاحتلال مأواها البسيط على مرأى أعينهم وسوّته الأرض، عدا عن الخسائر التي لحقت بها، وسرقة المُعدات الخاصة بترابية المواشي.

كان الظلام يُخيّم على العائلة المكونة من 14 فرداً، داخل "البركس" بعدما سلبتهم قوات الاحتلال الخلايا الشمسية التي تُعد مصدر الطاقة الكهربائية الوحيد للعائلات في المنطقة، وفق ما يروي المواطن ياسر أبو الكباش لـ"فلسطين".

ويشرح أبو الكباش أن قوات من جيش الاحتلال داهمت "حمصة الفوقا" ليلة الثلاثاء-الأربعاء برفقة جرافات عسكرية، وباشرت في هدم المساكن مباشرة.

ويوضح لـ"فلسطين"، أن جرافات الاحتلال لم تترك شيئا إلا ودمّرته بالكامل، حيث استمرت عملية الهدم أكثر من 12 ساعة متواصلة.

ويصف تلك الليلة بـ"القاسية" فالاحتلال لم يترك لهم أي معالم من المسكن أو حتى أغطية تحمي أطفالهم من برد الشتاء وزخات الأمطار المتواصلة.

ويقدّر حجم الخسائر التي لحقت به من جراء الهدم وتجريف أرضه بـ 100 ألف شيقل، حيث صادرت قوات الاحتلال "تركتور" تبلغ قيمته 8 آلاف دينار أردني، إضافة إلى الملابس وبعض المقتنيات وقتل بعض المواشي الخاصة به.

وفي صبيحة اليوم التالي، توجهت سيارات من الهلال الأحمر الفلسطيني لخربة "حمصة الفوقا" وقدّمت لهم خيمتين فقط، وفق أبو الكباش، حيث أكد أن مساحتها لا تُؤوي أفراد أسرته بالكامل ولا تقيهم برد الشتاء.

ويناشد كل الضمائر الحية ومنظمات حقوق الإنسان الوقوفَ إلى جانبهم وتقديم الدعم اللازم لهم وتعويض خسائرهم، والضغط على الاحتلال لوقف جرائمه ضد المنطقة التي تتعرض للجريمة ذاتها مراراً وتكراراً، كما يقول.

ويشير إلى أن قوات الاحتلال تطردهم باستمرار من بيوتهم، من أجل تنفيذ مناورات عسكرية لجيشها، داعياً قيادة السلطة لدعمهم وتثبيت صمودهم على أرضهم.

ليلة قاسية

ويؤكد الناشط الحقوقي في الأغوار الشمالية عارف دراغمة، أن سكان خربة "حمصة الفوقا" أمضوا ليلة قاسية تحت زخات المطر، بعد هدم الاحتلال مساكنهم، مشيرا إلى أنه "يريد تهجير السكان بشكل قسري من المنطقة بشكل كامل، لصالح بناء المستوطنات والمعسكرات الخاصة بالجيش".

ويوضح لـ"فلسطين"، أن الاحتلال لا يزال يتجول في المنطقة المهدمة، في محاولة منه للتربص بأي سيارة قادمة تحمل أي مساعدات للسكان والاستيلاء عليها.

ويبيّن أن الاحتلال داهم خربة ابزيق أول من أمس، التي تقع شمال محافظة طوباس، ويعيش فيها حوالي 43 عائلة فلسطينية من البدو وأصحاب الأراضي، وصادر 9 "تركتورات زراعية" و 5 "عربات جر" وسيارتين مدنيتين للمواطنين.

ويقول إن الاحتلال يتبع هذه السياسة "القديمة جديدة"، من أجل تهجير السكان ومنعهم من التواجد في المنطقة، مشيراً إلى أنهم يتعرضون لعمليات هدم واسعة وصلت لأكثر من 100 مرة خلال السنوات الأربع الأخيرة.

ويذكر أن 6 جرافات إسرائيلية توجهت بعد ذلك لمنطقة "حمصة الفوقا" الواقعة شرق محافظة طوباس، وهدمت حوالي 80 منشأة بذريعة أن تلك المناطق عسكرية، وكانت قد سلّمت أصحابها إخطارات مسبقة قبل حوالي عامين.

ويلفت الانتباه إلى أن مساحة الخربة حوالي 30 ألف دونم سهلية، لسكان بلدتي طوباس وطمون وتقطنها عائلات من منطقة الخليل أيضاً، مشيرا إلى أن هدف الاحتلال واضح بأنه يريد ضم قرابة 40 ألف دونم لمستوطنة حمدات القريبة.

من جانبه، يؤكد منسق الإغاثة الزراعية في منطقة الأغوار عازم الحج محمد، أن الاحتلال صادر ألواح الخلايا الشمسية الخاصة بالكهرباء، وترك الأطفال وكبار السن في العراء بلا مأوى.

ويبيّن الحج محمد لـ"فلسطين"، أن الاحتلال قطع سبل العيش لهؤلاء السكان حيث صادر كل ممتلكاتهم وألحق بهم خسائر فادحة، وذلك ضمن محاولات تهجيرهم قسراً.

ويوضح أن الاحتلال يسعى لاقتلاع السكان الفلسطينيين الأصليين وجلب مستوطنين من الخارج لتسكينهم في تلك المنطقة، مشدداً على أنه "رغم كل هذه الممارسات فإن الشعب الفلسطيني صامد في وجه كل التحديات وممارسات الاحتلال ومتشبث بأرضه".