فلسطين أون لاين

هذا ما يؤكده علماء لـ"فلسطين" بذكرى "وعد بلفور"

التشبُّث بالوطن والدفاع عنه لتحريره واجبٌ شرعيٌّ

...
غزة/ هدى الدلو:

مع حلول الذكرى الـ103 لوعد بلفور الذي لا يملك، للاحتلال الذي لا يستحق، يبدي الشعب الفلسطيني تشبثا لا يفتر بأرضه ووطنه، رغم صفقة ترامب-نتنياهو، والتطبيع بين دول عربية و(إسرائيل)، في وقت يحث علماء بالفقه والشريعة الشباب على الدفاع عن فلسطين بالكلمة والسلاح.

الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. زياد مقداد، يقول: هذه ذكرى مؤلمة أعطى فيها من لا يملك لمن لا يستحق أرض فلسطين المسلمة التي احتضنت مسرى رسول الله ﷺ.

ويؤكد مقداد لصحيفة "فلسطين"، أن على الفلسطينيين والأمة الإسلامية التمسك بالأرض والأوطان كونه من الإيمان، ذلك أن حب الأوطان فطرة وغريزة وجبلة فطر الإنسان عليها، وأحكام الإسلام تحث على حب الوطن والدفاع عنه والتضحية من أجله مهما بلغت التضحيات والتكاليف.

ويذكر مقداد أنه عندما أخرج الكفار الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة لما لاقى منهم من أذى حتى وصل ذلك لمحاولة قتله، قال وهو خارج منها: "ما أطيبَكِ من بلَدٍ وأحبَّكِ إلَيَّ، ولولا أنَّ قومِي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيرَكِ"، فالإسلام يشجع على حب الأوطان، وعدم التنازل عن شبر منها لأعداء الأمة.

ويلفت إلى أن ما يدلل على حب الوطن أن الإسلام جعل النفي من الأوطان من أشد العقوبات، وهي عقوبة تثبتها الشريعة على المسلمين المعاقبين، ما يدلل على مكانة الوطن في قلوب أهله.

ويوضح مقداد أن الإسلام أوجب على المسلمين الدفاع عن الوطن في حال انتهك الأعداء حدوده، "فالتضحية بالنفس للدفاع عنه واجبة، فكم من الدماء التي أريقت والمقدرات من أجل استرداد حقوقنا، والإسلام يجعل كل ذلك مأجوراً، ووضعت الشريعة الإسلامية درجة من يموت من سبيل الوطن في ميزان الشهيد"، وفق إفادته.

وينبه إلى أن فلسطين أرض مقدسة تشرفت ببناء المسجد الأقصى، هذه البقعة من الأرض وردت في أحاديث كثيرة لتؤكد أهمية الحفاظ عليها. قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".

ويقول: من لا يستشعر حب وطنه الذي ولد فيه وأجداده "فهو خائن له".

ويضيف: "في هذه الذكرى الأليمة علينا أن نحث الشباب للدفاع عن الأرض بالكلمة والسلاح، وأن نناشد شباب المسلمين أيضًا ألا يتركوا شعب فلسطين وأرضها للطامعين والمتخاذلين".

"الوعد الرباني"

بدوره يقول الداعية مصطفى أبو توهة: "عداء الغرب للمسلمين كان ولا يزال وسيظل يعبر عن نفسه مهما أعطى العهود والمواثيق والأيمان الغليظة مصداقا لقوله تعالى: "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" (البقرة:88)، ووعد آرثر جيمس بلفور وزير الخارجية البريطاني سنة 1917، للصهاينة هو شكل لتلك الطبيعة العدوانية التي لا يزال الشعب الفلسطيني يكتوي بنارها ويدفع أثمانها الباهظة من دمه وماله".

وفي حديث مع صحيفة "فلسطين"، يضيف أبو توهة: "إن كانت بريطانيا المجرمة قد اعتذرت عن كل جرائمها بحق غيرها، فإنها لم تعتذر للشعب الفلسطيني عن أكبر جريمة مورست بحق شعب بأكمله لأن النتائج المترتبة على ذلك الاعتذار لن تقدر عليه بريطانيا".

ويشير إلى أن العرب في ذلك الوقت الذي أطلق به بلفور "الوعد" كانوا في حالة من الضعف "أغرت" الصهاينة لافتراس فلسطين، مع أن البدائل كانت متوافرة لمؤسس الحركة الصهيونية هرتزل، ومنها الأرجنتين.

ويذكر أبو توهة قول الله تعالى "فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا" (الإسراء: 104).

وينبه إلى أنه في المقابل هذا الوعد الرباني لبني إسرائيل الذي هو من باب الاختبار والتمحيص، الله عز وجل وعد أيضًا بأن يكون إنهاء الحالة الراهنة ببعث جديد، ونهوض لهذه الأمة ممثلا بقوله تعالى :" إِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" (الإسراء: 7).

ويتابع: "بحمد الله ومنته أكرمنا الله تعالى بأن نرى بأعيننا جيلا من الشباب باعوا أنفسهم لله تبارك وتعالى".

ويردف أبو توهة: في هذا العصر نرى تراجعا واندحارا لدولة الاحتلال ، وإن كان طمعها أكثر من قدراتها التي يمكن أن تشبه بشجرة "القرع" حيث تمد أذرعها مسافات بعيدة لكنها تنسى أن جذورها ضعيفة قريبة من السطح ومن السهل أن يجتثها فلاح صغير بمعول بسيط.

ويكمل: "من أعطى هذا الوعد مجرم بحق الإنسانية كلها، ومن طرد الشعب الفلسطيني من أرضه خارج الحدود مخطئ إن ظن أن الأبناء سوف ينسون".