فلسطين أون لاين

مع غياب السلطة عما يجري بالقدس

تقرير المقدسيون يحملون عبء التهجير.. وصمود حتى الرمق الأخير

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ فاطمة الزهراء العويني

مسلسل طويل من الملاحقة وأوامر الهدم عاشتها عائلة المواطن المقدسي حمزة المغربي (64 عاما) بدأت منذ هدم الاحتلال بيتها الكائن في حارة المغاربة الملاصقة لأحد أبواب المسجد الأقصى المبارك.

ويبين المغربي أن بيت العائلة في حارة المغاربة هدمه الاحتلال عام 1967م فاشترت العائلة بيتًا متهالكًا وقديمًا في منطقة أخرى من القدس، وبعد أن سقطت إحدى البنايات القديمة في المدينة عام 1992م، طلبت بلدية الاحتلال من المقدسيين الذين يملكون بيوتا آيلة للسقوط الحصول على رخص للترميم.

وقال لـ"فلسطين": "بعدما عاينوا الوضع المأساوي الذي نعيشه طلبوا منا إخلاء البيت لمدة ثلاثة أيام للترميم فرفضت ذلك، خشيت ألا أعود إليه وتسحب مني الهوية المقدسية"، مشيرًا إلى أنهم لم يكتفوا بذلك إذ فرضوا عليه غرامة باهظة لعدم الترميم ثم سقط البيت تدريجيا حتى عام 1996م، مكافحًا من أجل الحصول رخصة لترميم ما تبقى وبناء بيت جديد.

وأوضح المغربي أن سلطات الاحتلال سلمته بعد بضع سنوات أمرًا بالهدم مع غرامات باهظة بذرائع مختلفة، حيث هدم المنزل عام 2000م لينتقل إلى منزل في مكان آخر من القدس وليتم هدمه أيضًا.

ونبه الأسير السابق إلى هدم لا يتوقف على البيت فقط بل شمل هدم منشأة تجارية يملكها، وصولا لآخر عملية هدم في 2019م.

وذهب إلى القول: "سلكت كل الطرق القانونية والرسمية، وأملك كل التصاريح اللازمة لكن دون جدوى فقد دفعت غرامات باهظة وهدم المنزل مرات عديدة"، مؤكدًا في الوقت نفسه إصراره على البقاء في القدس، "لب الصراع مع الاحتلال" مهما بلغت إجراءات الاحتلال التعسفية والملاحقة المستمرة له في كل مرة، ورغم حالة التشرد التي تواجهها عائلته بين عام وآخر.

ويرى المغربي أن عمليات الهدم هي جزء من سياسة الاحتلال لإكراه المقدسيين على التهجير القسري بكل الطرق، "فهو يرانا شوكة في حلقه ويتجاوز كل القوانين في سبيل إخراجنا من القدس".

ظروف صعبة

في حين يؤكد عضو لجنة الدفاع عن سلوان زهير الرجبي أن محاولات الاحتلال لتهجير الفلسطينيين وخاصة المقدسيين بدأت منذ وعد بلفور قبل (103 عامًا) وتضاعفت كثيرا في السنوات الأخيرة خاصة بعد اعتراف الإدارة الامريكية بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل).

ويبين أن الاحتلال يتبع طرقا مختلفة في سبيل ذلك منها: الاستيلاء على الأراضي، وهدم البيوت، والمخالفات الباهظة، حيث يصدر سنويًا نحو (70) ألف مخالفة على "البناء غير المرخص".

ويقول الرجبي إن المواطن المقدسي ليست لديه الإمكانات لتحمل هذا العبء الكبير في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها، "ما قد يضطر الكثير منهم للخروج من القدس للابتعاد عن هذه الضغوطات"، لكنه ينبه إلى أن وعي المقدسيين الكبير بما يجري حولهم يدفعهم إلى الصمود في المدينة حتى آخر رمق، "فالاحتلال يحاول أن يجعل الميزان الديموغرافي لصالح المستوطنين بنسبة (70%)".

كما يلفت إلى أن غياب السلطة الفلسطينية عن ساحة القدس، وتخلفها عن دعم المقدسيين ماديًّا ومعنويًّا بما يعينهم على الصمود في وجه الاحتلال يصيبانهم بالإحباط، مشددًا على أن حكومة الاحتلال ومحاكمها هي من تقود حملة التهجير المنظمة للفلسطينيين.

ودلل الرجبي على محاولات التهجير القسري بما يحدث في حي سلوان خاصة منطقة بطن الهوى التي تتعرض لحملة استيطانية شرسة من جمعيات استيطانية كـ"العاد" و"عطيرت كوهنيم" التي تدعي أن أراضي المنطقة مملوكة لليهود قبل عام 1892م، ما يهدد بتهجير (87) عائلة يقدر عدد أفرادها بنحو (1000) شخص، وقد تسلمت جميع العائلات أوامر بالإخلاء.

كما أشار إلى أن منطقة البستان تواجه تهديدًا بتهجير (95) عائلة مقدسية لإقامة حدائق توراتية، وتهديد آخر في وادي حلوة وباب المغاربة لتهجير (450) عائلة من أجل بناء أنفاق أحدثت تشققات في منازل المقدسيين، في حين تبنى عمارات للمستوطنين على أراضٍ بالقدس تدعي سلطات الاحتلال أنها إسرائيلية.

وتشير معطيات نشرتها منظمة "بتسيلم" المناهضة للاستيطان إلى أن سلطات الاحتلال دمرت في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مباني سكنية لـ(518) فلسطينيا في الضفة الغربية -مئة منها في شرقي القدس، وهو الرقم الأعلى منذ 2016، مبينة أن (68) من مباني القدس هدمها أصحابها.

في حين قالت حركة "السلام الآن" إنه منذ عام 1967 اتبعت سلطات الاحتلال سياسة تقييد البناء للفلسطينيين على الأراضي التي ضمتها للقدس، إضافة إلى مصادرة مكثفة لأراضٍ فلسطينية خاصة وتحويلها لليهود في (إسرائيل) وفي الدول الأوروبية.