فلسطين أون لاين

"ساعة دردشة" في "الحرم الجامعي"

"التعليم الوجاهي".. طلبة يستكشفون "المستقبل" وخريجون يلقون "نظرات الوداع"

...
غزة- يحيى اليعقوبي:

تحت معرش دائري يعلوه سقف أحمر، يتداخل انعكاسه على الأرض مع أشجار حرم الجامعة الإسلامية بغزة، ما زال الطالب جمال الديراوي، الملتحق بمستوى أول تخصص تكنولوجيا ووسائط متعددة وتطوير الويب، يعيش على وقع الانتقال من أجواء المدرسة إلى حرم الجامعة، وهي الخطوة التي أخرتها جائحة كورونا، لكنه الآن يستمتع بالتجول داخل مرافق الجامعة والتعرف إلى كليته، وسؤال الطلبة الخريجين عن التخصص.

خارج أسوار الجامعة تسير أمل أبو بكر، خريجة شريعة وقانون، وزميلتها آلاء المشهراوي، بعد فترة أمضتاها في متابعة إجراءات إدارية لتسجيل آخر 12 ساعة دراسية بالجامعة، تقفان على حافة التخرج لكنهما تبديان مخاوفهما من العودة إلى إغلاق الجامعات بسبب جائحة كورونا.

"سعادة غامرة"

جمال الديراوي الذي يرتدي قميصًا يشابه لون كمامته الزرقاء، ويحمل حقيبة حاسوبه على كتفه، تظهر عليه كامل الاستعداد للدراسة وخوض معتركها، لا يخفي فرحته بالعودة لأجواء الدراسة بضحكة أطلق لها العنان واتبعها معلقًا: "مفترض أن تبدأ الدراسة مع بداية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي لكن درسنا عن بعد، واليوم هناك بعض المواد نقدم فيها امتحانات نصفية".

عفويته هنا، تعبر عن سعادته: "انبسطنا انه رجعنا على الجامعة، الواحد غير نظام المكان، والتعليم".

شارد الذهن، نظرات متأملة لأجواء انتظرها طويلًا، قاطعنا خلوة الطالب محمد السمري (تخصص هندسة) مع نفسه وسط هدوء المكان، وجمال حديقة الجامعة بأشجارها التي عاصرت أجيالًا كثيرة، وأرضيتها الخضراء، "تمنيت الذهاب للجامعة وعيش أجوائها، وأكون مع زملائي بقاعة محاضرة واحدة بدلًا من التعلم الإلكتروني".

محمد يحمل حقيبة الهندسة وقرطاسيته، مشهد ينتظره أي طالب جديد، كما انتظره هو على أحر من الجمر، يشاركنا سعادته: "استكشفت الجامعة، وجلست مع أصدقائي، وأمضيت وقتي معهم، كنت أنتظر اليوم من بداية السنة الدراسية قبل شهرين، لكن ظروف كورونا أخرت ذلك".

بقربه لا يخفي الطالب بالسنة الأولى تخصص اقتصاد وعلوم إدارية محمد الجوجو سعادته: "استقبلت الخبر بكل سرور وبهجة، بأني انتقلت من المدرسة للجامعة، نبدأ حياة جديدة (...) أجواء الجامعة جميلة وممتعة، مكان هادئ، واسع، أصدقاء، قاعة، محاضرات، تعليم مختلف عن المدرسة".

"يوم متعب"

تلتقط سماح عبد الغفور، تخصص علاج طبيعي، وزميلتها رزان طافش أنفاسهما، بعد ساعات عمل متواصلة داخل مختبر الجامعة، لم يتخلله إلا ساعة راحة، في زحمة المعلومات.

كيف أمضيت اليوم؟ تجيب: "يوم متعب مع خنقة الكمامة، والقفازات، وأجواء حارة".

بالنسبة للطالبتين، فإن العودة للدراسة الوجاهية، كانت مطلبًا لتسهيل عملية الشرح، تنوب رزان عن زميلتها الكلام: "اليوم كان جدول الدراسة مضغوطًا، جئنا للجامعة الساعة الثامنة صباحًا حتى الثانية والنصف ظهرًا، درسنا في المعمل ثلاث ساعات متواصلة ثم أخذنا فترة راحة، وبعدها عدنا لنحو ساعتين ونصف إلى المعمل حول التمارين العلاجية، فهناك كمية معلومات مكدسة".

على عشب الجامعة الأخضر، يجلس عبد الرحمن البريم الذي يدرس "الدعوة والإعلام"، وبجواره مجموعة من الكتب المتنوعة، يقول: "التعليم الوجاهي كان أملًا عند الكثير من الطلاب مع بداية العام، فمهما كان التعليم الإلكتروني جيدًا، لن يرقى للوجاهي، ولما جاء خبر العودة، سررت بأني سأرى المحاضرين، والأصدقاء، لكن مع بعض المخاوف من انتشار الوباء، لأن غزة كانت مغلقة ومنطقة موبوءة، وأنا أسكن بالمنطقة الشرقية بخان يونس".

أما أمل أبو بكر، ضحك صوتها الممزوج بأثر إرهاق ترك بصمته على وجهها: "لم يتبقَّ لي سوى 12 ساعة دراسية، والحقيقة نحن سعداء بالعودة للدراسة الوجاهية".

"مع التعليم الوجاهي بنركز بالمحاضرات أكتر (...) في التعليم عن بعد شعرنا بضغط كبير لم نستطع مجاراته".. هذه المرة الكلام لزميلتها آلاء.

"إجراءات احترازية"

على أبواب الجامعة كذلك مجموعة طالبات تطوي كل واحدة منهن مريولًا طبيًّا على يدها، حنان أبو عيسى طالبة مستوى ثالث من كلية العلوم الصحية بالجامعة الإسلامية إحداهن.

تطلعنا حنان على أجواء سير الدراسة بعد عودة التعليم الوجاهي: "بدأنا الدراسة في المختبر الصحي، جئنا للجامعة وسط إجراءات احترازية، تعقيم، ارتداء قفازات، مسافة تباعد، فحص الاسم، رقم الهوية".

تبدي اشتياقها للدراسة الوجاهية، وقد تسللت منها ضحكة عابرة سرعان ما تلاشت بالدخول في أجواء الإجابة عن سؤال صحيفة "فلسطين" بلهجة عامية: "كانت أحسن حاجة إنه رجعنا للجامعة ونشوف شغلنا ونعرف شو بنسوي".

تعرفت حنان على أدوات كانت تُشرح في التعليم الإلكتروني، "اليوم عرفتنا المحاضرة على تلك الأدوات، مثلا كيفية عمل مزرعة تحاليل، والفرق كان كبيرا" تعلق، وتزيد زميلتها نداء الفصيح من نفس الكلية، بعدما حضرت حديثنا يستمعن إليها صديقاتها المتجمعات حولها: "كنا ننتظر اليوم كثيرا، فأغلب المواد تطبيقية؛ والأفضل دراستها على أرض الواقع".