فلسطين أون لاين

بحفظ القرآن.. الطفلة "تاج" تحقق "حلم حياتها"

...
غزة/ هدى الدلو:

منذ أن رزقها الله بطفلتها الأولى كانت دائمًا تحدثها عن حلمها بحفظ كتاب الله كاملًا، ولكنها لم تتمكن من تحقيقه بعد أن "سرقتها" الدراسة والزواج والأعباء وغيرها، ولكنها كرست جهدها برفقة زوجها على أن يغرسا هذا الهدف في نفوس أبنائهما، ويبذلا كل ما بوسعهما في سبيله.

لم يدخر ولاء وسامي، والدا تاج أبو سنجر (13 عامًا) من مخيم الشابورة في محافظة رفح، وسيلة لتشجيعها وتحفيزها لإتمام حفظ القرآن الكريم كاملًا.

اتصال هاتفي من تاج لوالدتها وهي في عملها، اهتز الهاتف مع صوت رنينه وكذلك قلبها، إنها الفرحة الكبيرة، "أريد أن أخبرك بأني اجتزت الامتحان في الأجزاء الـ10 الأخيرة بمعدل 92%، وبذلك أكون قد حفظت القرآن كاملًا"، قشعريرة سرت في جسد والدتها، فسجدت سجود شكر لله على أعظم عطاياه، "حلم حياتي تحقق، عيني بكت من الفرحة، آمل أن أكون حزت تاج الوقار".

هذه اللحظة جاءت بعد جهد وعناء، تقول والدتها: "منذ بداية التحاقها بالمدرسة مهدت طريقها نحو المسجد، فجعلتها تتردد عليه دائمًا، والذي شجع على ذلك قرب البيت منه، والتنسيق والتواصل مع محفِّظتها بشكل متواصل، وما إن أصبحت في الصف الثاني الابتدائي ألحقتها بمشروع حفظ القرآن".

وتشير إلى أن الذي شجعها على تسجيلها ضمن المشروع ما رأته في ابنتها من تميز وإبداع، حيث كانت تشارك في المدرسة في مسابقات مختلفة وتحوز المراتب العليا، فالأولى في هذا التميز هو القرآن باستثمار قدراتها في حفظه.

وتضيف تاج لصحيفة فلسطين: "الأمر ليس سهلًا، خاصة أن هناك الكثير من الارتباطات التي تتعلق بالتعليم الإلكتروني، إلى جانب اللعب والملهيات وزيارات بعض الأقارب، ولكن يمكن فعل كل ذلك بتنظيم الوقت الذي ساعدني فيه والداي، فكنت يوميًّا أحفظ وأراجع وأسمع لوالدتي لأتأكد من حفظي قبل أن أطل على معلمتي عبر تطبيق الواتس آب لأسمع لها ما حفظته في فترة أزمة كورونا والحجر المنزلي".

استثمرت أزمة كورونا في استكمال 17 جزءًا المتبقية، فكانت والدتها تقول لها: "صحيح أن الفترة التي نمر بها وباء ومرض وأزمة تسببت في تعطيل الكثير من الأمور إلا أنها ستكون فتحًا بأخرى"، فبذلت هي ووالدتها أقصى مجهودهما لتسبق خطة حفظ القرآن.

وتتابع الأم: "تنظيم الوقت هو العامل الأول، فيجب أن يكون لكل شيء حصة من وقتك والقرآن الحظ الأكبر، وإلى جانب التحفيز المعنوي لم نبخل عليها أيضًا بالتحفيز المادي، وعليه استطعنا أن نجعل الحجر فرصة تاج لتنجز وتتفرغ لحفظ القرآن".

"حفظ القرآن شرف لمن يتمكن منه"، ولكن الأمر ليس سهلًا فتحتاج إلى إخلاص نية وعزيمة، ومجاهدة النفس، وطول البال، "ومع ذلك فهذا العمل يستحق التعب لنيل هذا الشرف".

لامست والدتها أثرا في حفظ ابنتها تاج للقرآن، حيث نضج مبكر في الوعي والفكر، وحب لكتاب الله، وأخلاق حميدة، وقراءة متمكنة، ولا يحتاج المرء لأكثر من ذلك في زمن كثر فيه الفتن، لذلك تدعو الآباء لتركيز جهدهم على القرآن فهو المربي الأول.

وتقول تاج: "رغم التعب بسبب الالتزام فإنه شرف عظيم"، وتحلم أن تكون من أوائل القطاع في الثانوية العامة، أما والدتها فلن تكتمل فرحتها إلا بحفظ أبنائها الأربعة للقرآن.