عدَّت فصائل وشخصيات فلسطينية، وعد "بلفور" المشؤوم الذي مهد لإقامة (إسرائيل) على أرض فلسطين التاريخية، "يمثِّل جريمة سياسية وخطيئة تاريخية لا تغتفر، ارتكبتها الحكومة البريطانية بحق شعبنا الفلسطيني.
ودعا هؤلاء في بيانات منفصلة وصلت "فلسطين"، اليوم، في الذكرى الـ103 لوعد بلفور، إلى رفع دعاوى قضائية على بريطانيا في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية، وإلزامها الاعتذار الرسمي وتقديم كل أشكال التعويض السياسي والمالي لشعبنا.
و"وعد بلفور"، الاسم الشائع الذي يطلق على الرسالة التي بعثها وزير الخارجية البريطاني الأسبق آرثر جيمس بلفور، في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، إلى اللورد (اليهودي) ليونيل وولتر دي روتشيلد، حيث كانت بمنزلة وعد لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.
وجاء في نص الرسالة إن "حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية".
وتابعت: "على أن يُفهم جليًّا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يُنتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".
استراتيجية فلسطينية
فقد دعا رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر إلى إعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، وإرساء استراتيجية فلسطينية موحدة في مواجهة آثار وعد بلفور وصفقة القرن والتطبيع وكل المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
وأكد بحر، في بيان صحفي، أن وعد بلفور شكل بداية التآمر الدولي على القضية الفلسطينية، وفاتحة لمخططات إنهاء الوجود الفلسطيني.
واعتبر أن وعد بلفور وآثاره وتداعياته يشكل القاعدة الأساسية التي مهدت لانطلاق كل مخططات تصفية القضية الفلسطينية، والتي كان آخرها صفقة القرن واتفاقيات التطبيع مع الاحتلال.
ودعا بحر إلى تشكيل فريق سياسي وقانوني يتألف من خبراء في القانون الدولي والإنساني؛ لرفع دعاوى على بريطانيا في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية؛ بهدف تحميلها مسؤولية الظلم التاريخي والنكبات التي ألمت بالشعب الفلسطيني من جراء وعد بلفور، وإلزامها الاعتذار الرسمي وتقديم كل أشكال التعويض السياسي والمالي والاقتصادي لشعبنا.
وشدد على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني الداخلي كمدخل رئيس لتفعيل الأبعاد والجبهات العربية والإسلامية والدولية لنصرة شعبنا وقضيته الوطنية وإلزام الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية وحلفائهم التقيد بنصوص ومضامين المواثيق والقوانين الدولية والإنسانية التي تحمي شعبنا الفلسطيني وتمنع التغول على حقوقه المشروعة.
ونوه إلى أن الشعب الفلسطيني سيظل متمسكا بحقوقه وثوابته الوطنية "مهما تعاظمت الخطوب ومهما تكاثرت المحن والمؤامرات"، مؤكدًا على حق شعبنا الفلسطيني في مقاومة الاحتلال لتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني، والسعي لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، والتصدي لـ"صفقة القرن" وقرار الضم والتطبيع.
خطيئة تاريخية
وقالت كتلة حماس البرلمانية: "إن زوال المحتل الصهيوني حتمية قريبة لا مناص منها فلا مستقبل له فوق أرض فلسطين، وستبقى فلسطين عربية رغم هرولة المطبعين، ولو مرّت قرون فإنه لن يسقط حقنا بالتقادم ولن نعترف بالاحتلال ولن نتنازل عن ذرة واحدة من أرض فلسطين".
وأكدت كتلة حماس في بيان صحفي، أن لا تفويضاً لأحد بالتنازل عن الحقوق والثوابت الفلسطينية، وأن المقاومة حق مقدس وهي الوسيلة الأنجع لتحرير فلسطين كل فلسطين.
ودعت إلى تحقيق الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني على أساس برنامج وطني واستراتيجية مقاومة للاحتلال ونبذ الدعوات التي تنادي بالعودة للمفاوضات وعدم المناورة أو المراهنة على نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة.
وطالبت بترجمة قرارات القيادة الوطنية الموحدة في الضفة الغربية لتصبح واقعاً عملياً بتفعيل المقاومة في وجه الاحتلال ورفض كل أشكال التنسيق الأمني والتطبيع وسحب الاعتراف بالاحتلال بشكل نهائي.
كما دعت الدول العربية والإسلامية المحبة لفلسطين والرافضة للتطبيع لتحمل مسؤولياتها تجاه قضية فلسطين وسحب غطائها لهذا الانحدار والسقوط لبعض الدول التي طبعت مع المحتل.
كما أكدت دائرة شؤون اللاجئين في حركة "حماس"، أن وعد بلفور قام على منح أرض بلا شعب لشعب بلا أرض هو وعد تكذبه الحقائق على الأرض، فشعبنا الفلسطيني منغرس بأرضة كأشجار الزيتون الرومية والجبال الراسخة، ووجودنا ودمنا المسفوح هو ما يمنح هذه الأرض هويّتها الفلسطينية.
وشددت الدائرة في بيان لها، على أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وبيوتهم التي هجروا منها هو حق شرعي وقانوني تثبته الشرائع الانسانية والقوانين والقرارات الأممية، وشعبنا لن يتراجع عنه ولن يفرط فيه ولن يساوم عليه.
وعدّت اتفاقات التطبيع مع كيان الاحتلال المغتصب لأرضنا، "خذلان لصمود شعبنا الفلسطيني، وطعنة غادرة لتضحياته الجسام"، مؤكدة أنه "لا يمكن لهذه المحاولات أن تمنح أي شرعية لهذا الكيان المسخ".
ودعت الدائرة جميع دول عالمنا العربي والإسلامي وشعوبها الحرة، إلى رفض اتفاقات التطبيع مع كيان العدو رفضا قاطعا، والتصدي بقوة وجدية للمحاولات الصهيونية اختراق عواصم أمتنا العربية والإسلامية، ففلسطين ومسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم غير قابل للمساومة أو التقسيم.
وحملت بريطانيا "المسؤولية القانونية والتاريخية عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين وعن معاناة الشعب الفلسطيني طيلة عشرات السنوات الماضية بسبب جرائم الاحتلال التي سهلت هجرته واستيطانه في الأراضي الفلسطينية أثناء فترة انتدابها".
هولوكوست فلسطيني
من جانبه، دعا تيسير خالد، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، إلى الاتحاد في حملة وطنية للتنديد بوعد بلفور الاستعماري، الذي شكل الأساس لمجمل الفظائع، التي ارتكبتها الحركة الصهيونية و(إسرائيل) ضد الشعب الفلسطيني وشكل الأساس كذلك للهولوكوست الفلسطيني، الذي يتواصل منذ أكثر من مئة عام تحت سمع وبصر المجتمع الدولي.
وقال خالد في تصريح صحفي، إن وعد بلفور "باطل من أساسه وكان ثمرة طبيعية للحرب العالمية الاستعمارية الأولى وما ترتب عليها من إعادة تقسيم واقتسام المستعمرات بين الدول الاستعمارية القديمة، التي وجدت في الحركة الصهيونية أداة من أدواتها للسيطرة على المنطقة العربية".
ودعا خالد لإطلاق مشروع متحف "الهولوكست الفلسطيني" على غرار ما فعلت القوى الصديقة في "كيب تاون" في جنوب إفريقيا قبل أربع سنوات، وذلك من أجل كسر صمت المجتمع الدولي على الجرائم التي ارتكبها الانتداب البريطاني في فلسطين، والذي يعرض الرواية التاريخية الكاملة للقضية الفلسطينية، في مواجهة محاولات تشويه التاريخ ونفي الارتباط الأزلي للشعب الفلسطيني بأرض الآباء والأجداد.
كما دعا إلى ضرورة الإسراع في طي صفحة الانقسام الأسود، بترجمة مخرجات اجتماع الأمناء العامين لفصائل العمل الوطني والإسلامي في الثالث من ايلول الماضي بخطوات عملية والتعجيل بتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، والهيئة الوطنية لإنجاز الاستراتيجية الوطنية، والاتفاق على خارطة طريق وطنية، روافعها مقاطعة شاملة للبضائع الاسرائيلية ومقاومة شعبية واسعة.
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، د. يوسف الحساينة، أن شعبنا الفلسطيني المقاوم سيبقى صامدًا وشوكًة في حلق المشروع التدميري الذي يستهدف المنطقة بأسرها.
وأوضح الحساينة في تصريح صحفي، أن "وعد بلفور المشؤوم" الذي أسس لنكبة شعبنا الفلسطيني قبل مئة وثلاثة أعوام، كان أصل المؤامرة التي استهدفت -وما زالت- الأمة العربية والإسلامية.
وأشار إلى أن الوعد يتجدد ويُعاد إنتاجه؛ لإقامة "إسرائيل الكبرى" على حساب دول المنطقة، وما مسلسل التطبيع الجاري الآن من بعض الأنظمة العربية الوظيفية، إلاّ لفتح الباب على مصراعيه أمام الكيان الصهيوني ليُشيّد ما يسميه بـ"إسرائيل الكبرى" .
وبين أن الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الإسرائيلي الغاصب، تحاولان تهيئة الظروف والبيئة المناسبة لإقامة "إسرائيل الكبرى" من خلال الحروب والفوضى، والتطبيع العربي الذي سيتيح للكيان الإسرائيلي التمدد والتوسع على حساب دول المنطقة وشعوبها.
ورأى الحساينة أن ما جرى ويجرى من فوضى ممنهجة وموجّهة في المنطقة من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وحلفائهما، يهدف إلى إشاعة جو الانقسام والضعف والوهن، حتى يسهل تمرير "صفقة القرن" لتصفية القضية الفلسطينية، وتمكين كيان الاحتلال من إنهاء قضية اللاجئين وتجاوز كل الحقوق الفلسطينية.
وشدد على أن شعبنا الفلسطيني المقاوم ومعه كل أشقائه من الأمة، وأحرار العالم، سيبقى صامدًا، وشوكة في حلق المشروع التدميري الذي يستهدف المنطقة بأسرها وفي القلب منها القضية الفلسطينية.

