فلسطين أون لاين

كورونا يضاعف المسؤولية.. كيف نتعامل مع "أطفال التوحد"؟

...
غزة-هدى الدلو:

مجددًا عاد الطفل يحيى (11 عاما) إلى فرط الحركة والتشتت، وغيرها من السلوكيات التي ظهرت عليه بسبب التزام المنزل، وحالة الطوارئ التي فرضت نظامًا جديدًا غير نمط حياته الذي اعتاد عليه في الذهاب إلى المراكز الخاصة.

والدة الطفل يحيى الأغا تقول: إن كل من هذه السلوكيات الطارئة يحتاج إلى جهود كبيرة للتخلص منه، ومع ذلك قد يعود بعد فترة.

مسؤولية مضاعفة يتحملها أهالي الأطفال المصابين بمرض التوحد، الذي يعرفه موقع "ويب طب" الإلكتروني، بأنه أحد الاضطرابات التابعة لمجموعة من اضطرابات التطور المسماة باللغة الطبية "اضطرابات في الطيف الذاتويّ" (Autism Spectrum Disorders - ASD) تظهر في سن الرضاعة، قبل بلوغ الطفل سن الثلاث سنوات، على الأغلب.

وبالرغم من اختلاف خطورة وأعراض مرض التوحد من حالة إلى أخرى، إلا أن جميع اضطرابات الذاتوية تؤثر على قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به وتطوير علاقات متبادلة معهم، وفق الموقع ذاته.

وتقول الأغا في حديث مع صحيفة "فلسطين": "لا يمكن أن تغيب عيني عنه لحظة واحدة، خاصة أنه يمكن أن يعرض نفسه للخطر بفتح عيون الغاز، أو الخروج من البيت بمفرده، وتكسير الزجاج وغيرها إلى جانب الصراخ المتواصل والرفرفة".

ومع طول فترة التزام المنزل، عملت الأغا وزوجها على برنامج ليعين كلاهما الآخر، فتعمل هي معه في بداية النهار من تمارين رياضية، ودمج مع إخوته في اللعب ومشاهدة التلفاز، ووالده يصطحبه في مشوار صغير حول البيت ليفرغ فيه طاقته.

وترى أن أزمة كورونا لها أثر كبير على تلك الفئة، وأهاليهم التي زادت من العبء عليهم، ليكن دعاؤها اليومي بعودة الحياة إلى طبيعتها وفتح المراكز، ليتمكن يحيى من العودة إلى نظامه الحياتي.

أما الطفلة ليان قوصة (11 عامًا) استطاعت والدتها أن توعيها بخطر المرض المنتشر، وأن عدوى الإصابة قد تصل إليها في حال الخروج وعدم الالتزام بالإجراءات الوقائية، ولكن بعض الوقت تظهر عليها علامات الضجر والملل وتريد الخروج من البيت للترفيه عن نفسها.

ولم تخلو تلك الفترة من ظهور بعض السلوكيات غير المحببة، والتي ترتبط بتغير نظام الحياة، وتسعى والدتها جاهدة إلى إشغال وقتها في ممارسة موهبة الرسم، واستخدام الانترنت، ولكن يصعب عليها –كما تقول لصحيفة "فلسطين"- متابعتها في التعليم الالكتروني لضعف اهتماماتها العلمية.

وتشير الأم إلى أن مثل تلك الحالات تسبب استنزافا ماديا لتلبية احتياجاتها، فلا تمل ليان من رسمها للكيك والشكولاته والبوظة وغيرها من الأمور التي تحب أن توفر لها يوميا.

بينما "أم أحمد" البنا اكتشفت مرض ابنها متأخرًا بعدما تعرض لغيبوبة أدخلته المستشفى 28 يومًا، وذلك بعدما ظهرت عليه أعراض انتكاسة في عدم قدرته على النطق والمشي، ولم يعرف سببها بعدها فحوصات طبية كثيرة، وعلى إثر ذلك حصل على تحويلة طبية للعلاج في مستشفى المقاصد.

وتقول: "بعد عمل فحوصات جديدة، وتلقي علاجات فيزيائية ونفسية وغيرها بدأ بالتدريج العودة إلى طبيعته بالمشي ما عدا فقد القدرة على النطق".

ومتابعة طفل التوحد ليس بالأمر السهل مع التزام المنزل، لكنها عملت وبناتها الخمسة على توزيع ساعات اليوم فيما بينهم وتقديم نشاطات مختلفة لأحمد ( 10 أعوام)، لتخفيف أثر الحجر المنزلي عليه، رغم أن ساعات انقطاع الكهرباء تزيد من العبء عليهم مع فصل شبكة الانترنت.

وتضيف البنا: "مثل تلك الحالات روحهم معلقة بالخروج من البيت والاندماج مع الأطفال الذي اعتادوا رؤيتهم في المراكز والمدارس".

طرق مناسبة

بدورها تقول اختصاصية تأهيل أطفال التوحد في مركز العودة لتأهيل الطفولة والشباب في طولكرم المحتلة، روان حماد: إن أثر الحجر المنزلي على أطفال المصابين بالتوحد يحدث سلوكيا، مبينة أن عدم وجود اشغال هادف للطفل يتسبب بظهور مشاكل سلوكية جديدة.

أما من ناحية مهاراتية، فتوضح حماد لصحيفة "فلسطين"، أن التزام المنزل يؤثر عليهم من حيث اكتساب المهارات، حيث أن عدم وجود تدخل لفترة طويلة يؤدي إلى افتقاد الطفل الكثير من المهارات التي من الممكن أن يكون قادر على تنفيذها، مما يؤدي الى تراجع ملحوظ في الأداء الوظيفي للطفل بشكل عام.

وتبين أن من المشاكل التي تظهر على طفل التوحد خلال فترة الطوارئ انتكاسة نفسية وسلوكية، أو انتكاسة في الأداء الوظيفي، وفي المهارات الأساسية من حيث التواصل والانتباه والتركيز والاستجابة للأوامر.

وتقول: "التزام المنزل وتغيير الروتين المعتاد للطفل من شأنه أن يؤدي إلى انتكاسة نفسية للطفل، وعدم إدراك معظمهم للوضع الصحي العام يجعلهم غير قادرين على فهم ما يدور حولهم وما يعني الحجر وما هي أسبابه".

أما دور الأهل، فتنبه حماد إلى أنه يكمن باحتضان الطفل والتقرب له بشكل أكبر، وقضاء أطول فترة ممكنة معه، وتوفير بيئة اجتماعية مناسبة له من حيث التفاعل مع أفراد الأسرة واللعب مع الأخوة وهكذا، والعمل على إشراك الطفل في مهمات منزلية تناسب قدراته، وإشغال وقت الفراغ بطرق مناسبة.