فلسطين أون لاين

عصيدة "الزقوقو" تجمع التونسيين في احتفالات المولد النبوي

...
صورة أرشيفية

للاحتفال بالمولد النبوي الشريف طقوس خاصة في تونس، يحرص الأهالي على التشبث بها تكريما للنبي محمد وتشبثا بعادات توارثها أجدادهم عبر السنين، وتنطلق التحضيرات لهذه المناسبة منذ أيام وأحيانا قبل أسابيع، إذ تقبل العائلات التونسية على شراء مادة "الزقوقو" (حبات الفستق الحلبي) التي تطبخ بها لاحقا أكلة "العصيدة"، وهي الطبق الرئيسي الذي يميز الموائد يوم المولد.

فعلى الرغم مما تعيشه البلاد من وضع صحي خاص فرضته جائحة كورونا التي أثرت سلبا على المقدرة الشرائية للتونسيين، إلا أن العائلات لم تتوان عن الحفاظ على عادات "المولد" وخاصة شراء مادة الزقوقو التي نفد مخزونها قبل يوم من الاحتفال رغم حملة المقاطعة التي طالتها نتيجة ارتفاع أسعارها.

كما يغتنم التونسيون هذه المناسبة لإقامة حفلات الختان وتنظيم عقد القران أو الخطوبة تبركا بذكرى مولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

تاريخ عصيدة الزقوقو

ويعود تاريخ عصيدة الزقوقو بحسب الروايات الشعبية الى أنه تم اللجوء إلى استعمال هذه المادة الغابية خلال سنوات الجفاف التي تلت ثورة علي بن غداهم سنة 1864 وانتشرت خلالها المجاعة.

واكتشف سكان الشمال الغربي التونسي آنذاك في "الزقوقو" مادة غذائية فتم استعمالها في عصيدة المولد خلال تلك السنوات التي قلت فيها الحبوب من قمح وشعير ونظرا لنكهتها الطيبة فقد أصبحت أكلة يتفنن التونسيون في إعدادها ويضيفون اليها الفواكه الجافة.

عادات غذائية مختلفة

ولفت رئيس قسم التغذية في المعهد الوطني للتغذية الطاهر الغربي في حديثه لوكالة "سبوتنيك" الروسية أن الأعياد والمناسبات عادة ما ترتبط بعادات غذائية خاصة تختلف حسب الدول وحتى بين محافظات البلد الواحد.

وقال "يختلف الاحتفال بالمولد بين جهات الجمهورية التونسية، ففي الشمال مثلا يحرص الأهالي على طبخ العصيدة البيضاء وخلطها بالحساء الحار، في حين يعد أهالي الجنوب التونسي عصيدة مختلفة تسمى "البازين" التي تزيّن بالزيت والعسل، بينما تحرص عائلات أخرى على إعداد العصيدة العربي أو ما يسمى ب"عصيدة النبي" التي تتكون من الفارينة وزيت الزيتون، ويختار آخرون إعداد عصيدة البندق أو السمسم كل حسب أهوائه".

وأشار الغربي الى أنه رغم تنوع العصائد، فإن عصيدة "الزقوقو" تبقى النوع الأكثر اختيارا من التونسيين لدى احتفالهم بذكرى المولد النبوي، رغم أن قيمتها الغذائية تعد منخفضة مقارنة بالأنواع الأخرى.

وأوضح أن "الزقوقو غني أساسا بالزيوت والنشاء والقليل من البوتاسيوم والمانيزيوم، لذلك فهو لا يعد غذاء قيّما ولكن الإضافات من حليب وفواكه جافة هي ما يكسب القيمة الغذائية للعصيدة".

واعتبر الغربي أن القيمة الأكبر للعصيدة تكمن في بعدها الاجتماعي ومساهمتها في لم شمل العائلة وربط أواصر المحبة بين الناس، قائلا إن "التونسيين وطيلة سنوات يتبادلون التهاني يوم المولد بتبادل طبق العصيدة، وهو ما يعزز العلاقات الاجتماعية".

يوم ديني

وإلى جانب الطقوس الغذائية، فإن لمناسبة الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف مكانة دينية وروحية خاصة لدى التونسيين، حيث يحرص الأهالي على استذكار سيرة نبي الإسلام وتعداد خصاله بغية الاستئناس بها.

وقال المفكر الإسلامي مازن الشريف ل"سبوتنيك"، إن التونسيين عرفوا على مر التاريخ بحبهم لنبيهم والتمسك بالاحتفال بذكرى مولده كل سنة.

وذكر الشريف أن "الناس يتبركون بيوم المولد ويتفاءلون به خيرا لذلك فهم يحرصون على بدأ محطات حياتهم المهمة في ذكرى مولد نبيهم".

وقال المفكر الإسلامي إن طبخ العصيدة هو نوع من التعبيرات الاجتماعية التي تظهر ابتهاج الناس بهذه المناسبة الدينية، ولفت إلى أن "الجوانب الاحتفالية لا يجب أن تطغى على الجوانب الروحية حتى لا يسقط الناس في الفلكلور"، وبيّن أن المولد يجب أن يتأسس على معرفة شخصية النبي ودراسته كإنسان ونشر تعاليمه بين الناس.

المصدر / تونس/ وكالات