فلسطين أون لاين

بالعلم.. الشابة نداء تتخطى "الإعاقة السمعية"

...
غزة-هدى الدلو:

والدها كان الداعم والمشارك لها ولإخوتها تفاصيل الحياة في فترة طفولتها، وما أن اشتد عودها تركها تشيد علاقاتها المجتمعية بنفسها؛ فقوة شخصيتها وتفوقها في مدرستها الخاصة بالصم، كانا سببًا لاختيارها أن تكون معلمة صغيرة بعدما انتهت من مرحلة الإعدادية وتلقت دورات عدة لتكمل فيما بعد الثانوية والجامعة وتبدع في مجال التصميم والتصوير.

الشابة نداء غزال، (29 عامًا)، ولدت بإعاقة سمعية لأسباب وراثية.

تقول لصحيفة "فلسطين": "منذ بداية التحاقي بركب التعليم درست في جمعية أطفالنا للصم، هناك كان عالمي الثاني حيث بدأت بتكوين علاقاتي مع طلبة من ذات فئتي، وما أن وصلت نهاية مرحلة الإعدادية، أصبحت واحدة من موظفي الجمعية كمعلمة لمدة خمس سنوات".

نداء تضيف: "تفوقي في الدراسة كان سببًا لاختياري، رغم أن الأمر ليس سهلًا بل صعبًا، وقد تلقيت عدة دورات في أساليب التدريس، وكيفية تحديد الأهداف، وأخرى في التعامل مع الطالب وإرشادهم النفسي، وفي استخدام الحاسوب".

وفي بداية عملها كمعلمة كانت ترافق أخرى ناطقة لديها خبرة في مجال التدريس منذ أعوام، لتكن معها خطوة بخطوة، وبعد فترة تولت مهمة تدريس مجموعة طلبة في الصف الأول، وما وجد منها من شجاعة واعتماد على نفسها، وتحمل المسئولية مكنها من تدريس مجموعة من طلبة المرحلة الإعدادية.

"لقد كان شعورًا جميلًا في أول يوم لي لمهمة المعلمة، متحمسة وفخورة بنفسي، كونها بداية طريق النجاح، ولكنه كان يتسلل الخوف لقلبي من عدم أداء المهمة بسلام، وأصبح من ضروري أن اعتمد على نفسي وأكون قدوة لغيري".

ومع ذلك كانت تنتظر نداء أن تحقق أمنيتها الكبيرة "بان نكون نحن ذوي الإعاقة متساويين مع الناطقين، وكنت احلم أن أكمل تعليمي واجتاز الكثير من المراحل، "وهذا الإصرار لكي اقطع الطريق على من يقول أن المدرسة اختارتني كوني صماء لتتعاطف معي، ولاعتز بنفسي أني متعلمة كغيري".

وبعد فتح مدرسة مصطفى صادق الرافعي للصم اكملت فيها باقي مراحل الثانوية ولم تترك عملها في التعليم، والتحقت بالتخصص الموحد لذوي الإعاقة السمعية الذي طرحته الجامعة الإسلامية هو تخصص تكنولوجيا الإبداع، رغم أنها كانت ترسم أحلامها في دراسة الأحياء أو التربية الإنجليزية.

لم تقتصر حياتها على مهنتها في التعليم والدراسة الجامعية، بل سعت نحو اكتساب المزيد من الخبرات والدورات في مجال التكنولوجيا والتصوير الفوتوغرافي، والآن تعمل كمصممة ومصورة في الجمعية.

تؤمن نداء بأن "كل ذي إعاقة صلب.." فقد يتحمل الشخص من ذوي الإعاقة المرارة لتحقيق أهدافه وطموحه، ويواجه الناس بإنجازاته، حيث تحمل ضيفتنا في جعبتها مهارات متعددة كخبرتها في التدريس، واستخدام البرامج الحاسوبية في التصميم، واتقانها فن التصوير، والدراما والمسرح، والتعامل مع الاطفال لتكون لهم كمرشدة نفسية.

وتشير إلى أنها طورت غالبيتهم من خلال متابعتها على الانترنت لكثير من مقاطع الفيديو التي تتعلق بالبرامج الخاصة بالتصميم، وتواصلها مع أساتذة في هذا الشأن.

وفي المدرسة كانت تستقبل الكثير من المتدربين الناطقين من الجامعات، وبكل سهولة تتواصل معهم عن طريق الكتابة، ومنهم من علمتهم لغة الإشارة، وعرفتهم حياة الصم بشكل عام، كونت من ذلك الكثير من العلاقات.

وتتحدث عن عالم الصم بأن أكثر ما يزعجهم كلام البعض رغم أنه غير مسموع بالنسبة لهم إلا أنهم يفهموه من نظراتهم، فكل ما يحتاجوه الدعم والتشجيع حتى يتقدموا بالحياة ولا يختاروا الانعزال.

وعن طموحها تقول نداء: "أحلامي كبيرة، أولها إنشاء شركة تتعلق بالتصميم والتصوير تضم ناطقين وذوي اعاقة سمعية، لتعلمهم كيف الاندماج في العمل، حتى لا يبقى في مجتمعنا شيء اسمه معاق، فالكل متساوٍ".