أكد مزارعون في قطاع غزة أنَّ انخفاض القوة الشرائية، تسبب في خفض أسعار منتجاتهم دون تغطية تكلفة الإنتاج، خاصة في ظل إجراءات الحد من جائحة كورونا، وطالبوا بتدخل حكومي عاجل لحمايتهم من تكبُّد مزيد من الخسائر، والعمل على تعويضهم وضبط أسعار مدخلات العملية الإنتاجية، وحمايتهم من استغلال التجار الموزعين.
وأشاروا إلى تسبُّب الاحتلال في إفساد محاصيلهم الواقعة بالقرب من المناطق الحدودية نتيجة الرش المفاجئ للمبيدات السامة، وإلى خلل في تركيبة التربة بسبب ملوحة المياه واعتداءات الاحتلال المتكررة.
وقال المزارع علي الدوس (55) عامًا إن المزارع في قطاع غزة يواجه مشكلات تعوق عمله، أبرزها انخفاض القوة الشرائية في الأسواق المحلية لا سيما في ظل جائحة كورونا، مبينًا أن ضعف القوة الشرائية دفع بالمزارع إلى بيع إنتاجه بهامش ربح ضعيف جدًّا أو بسعر التكلفة وأيضًا بخسارة.
وأضاف الدوس لصحيفة "فلسطين" أن المزارع يواجه أيضًا مشكلة في ارتفاع تكلفة أسعار مدخلات العملية الإنتاجية، مبينًا أن أسعار المبيدات آخذة في الارتفاع منذ 4 سنوات، كذلك الأشتال بنسبة 30%.
وأشار الدوس إلى مشكلة أخرى وهي الفائض في إنتاجهم وعدم قدرة المزارعين على التصدير للخارج بسبب إغلاق المعابر، مشيرًا إلى أن افتقار قطاع غزة لمصانع تقوم على المنتجات الزراعية.
ودأب المزارع الدوس منذ (20) عامًا على استئجار (50) دونمًا في منطقة جحر الديك، يزرع حاليًّا (30) دونمًا بالباذنجان والفلفل، و(10) دونمات بالزهرة والملفوف، في حين يجهز المساحة المتبقية لزراعة الكوسا.
من جانبه، قال المزارع الستيني سلامة مهنا إن ملوحة المياه مشكلة تواجه المزارعين، خاصة في منطقة جنوب القطاع، مبينًا أنه اضطر إلى العزوف عن زراعة محاصيل لا تتواءم مع ملوحة المياه مثل محصول الخيار.
واستعرض مهنا في حديثه لصحيفة "فلسطين" مشكلة أخرى يتعرض لها سنويًّا، وهي رش الاحتلال للمبيدات السامة والتي يتطاير رذاذها إلى المحاصيل الزراعية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتعمد رش المبيدات أكثر من مرة في العام، وهذا يعوق زراعة المحاصيل، خاصة الورقية، حيث سبق أن تعرض لخسائر فادحة بعد حرق نباته.
ويمتلك المزارع مهنا نحو (35) دونمًا في منطقة القرارة جنوب القطاع، ويعتمد في زراعتها على أسلوب الزراعة المكشوفة.
ويشكو مهنا مما عدَّه جشع التجار الوسطاء في استغلال ضعف القوة الشرائية وطلبهم من المزراعين شراء منتجاتهم بأقل الأسعار، داعيًا وزارتي الزراعة والاقتصاد إلى التدخل من أجل مساعدتهم على تصريف إنتاجهم إلى الأسواق الكبرى والفرعية بيسر.
وأشار المزارع مهنا إلى إنشائه بالتعاون مع بلدية القرارة بنكًا للبذور، الهدف منه الاحتفاظ بالبذور التي تصلح مع بيئة وتربة قطاع غزة، خاصة القادرة على التكيف مع ملوحة المياه.
من جانبه أكد الخبير الزراعي م. نزار الوحيدي على أهمية إنشاء صندوق حكومي لتعويض المزارعين من الأضرار التي تصيبهم، بحيث تصرف لهم تعويضات مالية أو عينية في أوقات انخفاض الأسعار، وارتفاع أسعار المدخلات الإنتاجية، والحرائق، والأمطار، وموجات الحر، وتعديات الاحتلال وغير ذلك.
ولفت الوحيدي في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى مشكلة تدهور التربة في قطاع غزة، بسبب منع الاحتلال إدخال المقويات التي تعمل على تعزيز البنية التحتية للتربة تحت ذراع أمنية، في حين أن السموم تدخل إلى التربة وتعمل على تفتيت تركيبتها، نتيجة استهداف الاحتلال الأراضي الزراعية بقذائفه.
وشدد الوحيدي على ضرورة أن ترفع الحكومة في رام الله من حجم الموازنة المخصصة للقطاع الزراعي حيث أن نسبة 8% غير كافية بتاتًا، ولا تساعد في تعزيز صمود المزارعين الذين يعتبرون صمام الأمان الغذائي في فلسطين.