من على حرف قارب قفزت واقفة ريما حسين ترتدي بدلة الغوص الزرقاء وتحزمت بحزام كثقل، تغطي عيناها نظارة شفافة كبيرة، تتابع حركة الأسماك بألوانها الخلابة، تتمتع باكتشاف كنوز الحياة البحرية.
ريما (12 عامًا) ابنة مدينة غزة، من الصغر أحبت السباحة بين أمواجه، لاحظت والدتها وأخوها موهبتها، أحبّا تنمية مهاراتها أكثر، أتقنتها بسرعة مما أهلها لممارسة هوايتها بين الأمواج التي أخذت تسابقها حتى وصلت لمسافة طويلة.
لمهارتها في السباحة دفعها أخاها مدرب السباحة والذي يمارس رياضة الغوص، باصطحابها للغوص برفقته، هابت في البداية ورفضت عرضه، فأخذ يدعوها لمسابقته في السباحة بعيدا عن الشاطئ، ثم يختفي تحت الماء لبعض الوقت يمارس رياضته المفضلة، استطاع أن يكسر الرهبة داخلها، حتى أصبحت هي من تبادر.
تقول ريما لصحيفة "فلسطين": "في عمر الثمانية أعوام تعلمت السباحة وكنت أمارسها في البحر بصحبة أخوتي الذين يحترفونها ورياضة الغوص أيضا، وكانوا يدربونني حتي يأهلوني للغوص، خضعت لتدريبات التنفس المكثفة بشكل شبه يومي".
وتضيف: " لتعلم رياضة الغوص يجب أن يكون الشخص على دراية بالسباحة في البداية حتى يتمكن من الغطس والتحرك تحت الماء، ومن ثم الطفو مرة ثانية فوق الماء".
ممارستها رياضة الغوص للمرة الأولى، كسرت شعورها بغرابة الحياة البحرية تحت الماء، واكتشافها كل مرة كائنات جديدة، لم تكن لتراها إلا على القنوات الوثائقية.
أصبح الغوص بالنسبة لريما حياة، ومهارة وهواية، تمارسها يوميا في فصل الصيف، وحتى في الشتاء تمارسها في البحر حينما يكون الجو مستقر.
مهارات ريما في السباحة تطورت، تشير إلى أنها تستطيع السباحة لساعتين ونصف بشكل متواصل، والسباحة أيضا بثقل نحو 20 كيلو.
ولتوثيق مناظر الكائنات البحرية، يصور أخوتها رحلاتهم في الغوص من خلال كاميرا تستخدم لتصوير تحت الماء.
رياضة الغوص لاحترافها تحتاج إلى معدات من اسطوانة اكسجين وبدلات ونظارات وزعانف أصلية وهي مرتفعة الثمن، لذا تكتفي ريما بالغوص بأبسط الامكانيات وتحاول التدريب لإطالة قدرتها على التنفس تحت الماء.
لذا تحلم ريما بامتلاك معدات الغوص يوما ما، لتتمكن من الغوص في أعماق البحر واكتشاف جماله، الذي ما يزال شيئا مخفيا عن أهالي غزة.
وتشجع ريما جميع الطفلات والصبايا بتعلم السباحة، ورياضة الغوص، تطالبهم بتجاوز مخاوفهم من السباحة في مناطق عميقة، مع امتلاك الإرادة والتدريب المستمر سيكتشفن بأنهن أضعن عمرهن في خوف أخرهن عن الاستمتاع بجمال السباحة ومتعتها.
جائحة "كورونا" التي ضربت قطاع غزة أثرت على تدريبات ريما، تبين أن اغلاق المسابح وشاطئ البحر، حرمها من الاستمرار في تدريباتها سيما تمارين التنفس، لذا وجدت صعوبة في استعادة قدرتها في كتم نفسها لمدة 50 ثانية.
تطمح ريما بأن تصبح مدربة السباحة والغوص وتعليم هذه المهارات للفتيات في غزة.
وستواصل ممارسة رياضة السباحة والغوص، حتى تحقق حلمها في الوصول لمستويات أعلى، إذ تتمنى أن تشارك في مسابقات للسباحة حول العالم، لكن الاحتلال الاسرائيلي لا يزال يمنع الرياضيين الفلسطينيين من المشاركة بها.