فلسطين أون لاين

الكابتن "بسيسو".. بمبادرة تعليميّة للكاراتيه ينقل المتدربون لأجواء المنافسة

...
غزة- يحيى اليعقوبي:

يقف على أرضية اسفنجية يتداخل فيها الأزرق والأحمر على شكل مربعات؛ حوله أكياس اللكم معلقة على أعمدة حديدية مرتفعة قليلا عن الأرض يسدد إليها اللاعب لكمة بيده و أخرى بقدمه، تزين المشهد كرات مطاطية، مرتديًا زي الكاراتيه الأبيض يلتف الحزام الأسود على وسطه، لا يقف أمامه المتدربون، بل يضع عدسة هاتفه المحمول ويبث من خلالها حلقات تعليمية مصورة لمن يتابعهم عن بعد أو من يريد المتابعة عبر مبادرة أطلقها الكابتن جلال بسيسو لتعليم رياضة الكاراتيه.

وأنت تتابع الحلقات المصورة، سيظهر على الشاشة كلمات باللغة اليابانية مثل، ري أدي (التحية)، يويي (الاستعداد)، ايجي اوكي (دفاع أعلى الوجه)، أويزكي جودان (لكمة للأعلى)، ااويزوكي تشودان (لكمة منطقة الوسط)، أويزوكي جيدان (لكمة للأسفل).

وجلال بسيسو (33 عامًا) حاصل على بكالوريوس "تعليم أساسي" وهو مدرب وحكم وطني معتمد من اتحاد الكاراتيه، اجتاز الدرجة الرابعة في هذه اللعبة، ولديه مركز رياضي منذ 15 عاما.

تغيير وعودة نشاط

محمد الحلو (عشر سنوات) وجد في السلسلة التعليمية والمتابعة عن بعد من قبل المدرب، فرصة لطرد الملل الذي لاحقه منذ بداية الجائحة إلى حين إطلاق المبادرة، والده يشرح مستوى التغير في حياة ابنه بعدما ابتسم صوته معبرا عن ارتياحه الشديد: "منذ سنة ومحمد ملتزم بالنادي، وتعلق برياضة الكاراتيه لكن الآن مع التعليم عن بعد، ومن خلال مبادرة تعليم الكاراتيه يطبق كل حلقة بعدما يشاهدها، ثم يقوم بتصوير التطبيق وإرساله للمدرب".

يضحك الحلو معترفا بلهجة عامية: "لما بلعبوا وبتابعوا عن المدرب، بنشغلوا بالحركات والتطبيقات، وبخففوا عنا الدوشة اللي بعملولنا اياها أول الجائحة، وصاروا يعملوا اشياء مفيدة".

مع إشراقة كل يوم جديد؛ يتشوق الشقيقان محمد (13 عاما) ومحمود (7 سنوات) الدلو لبث حلقة جديدة، يرتديان ملابس الرياضة، ويبدأن في التطبيق.

والدهم أحمد الدلو يقول عن اهتمام ابنائه بهذه اللعبة: "في فترة أزمة جائحة كورونا انقطع التواصل الوجاهي، وانتقلنا من خلال المبادرة إلى التواصل عن بعد".

يعرب الدلو عن سعادته باهتمام أولاده بالرياضة، بابتسامة ظهرت على حديثه: "المدرب برسل إلهم الفيديو، وهم بهتموا كتير في تطبيق الفيديوهات، وبحاولوا يعيدوا الحركات متل ما شافوا".

حقق الشقيقان الدلو "نقلة نوعية" بالنسبة لهما في تعلم هذه الرياضة، ووصلا للحزام الأخضر، ويطمحان لمعانقة الحزام "الأسود"، يستدرك والدهم: "قبل المبادرة، وفي أول الجائحة كان هناك فترة خمول، وانقطاع من قبل محمد ومحمود عن ممارسة الرياضة الأمر الذي أثر عليهما سلبيا، لكن عادت الأمور لمجاريها والآن هم سعيدان بالتدريب والاهتمام من قبل المدرب باستمرار".

أساسيات اللعبة

هذه المبادرة هي ضمن عشرات المبادرات الرياضية التي فرضتها الجائحة، لكنها "تختص بجميع الأعمار، وأطلقناها للحاجة الماسة إليها من قبل المتدربين، نظرا لاحتياجهم للمادة العلمية، التي يعودون إليها بعد التدريب خاصة وقت الجائحة" يقول بسيسو لصحيفة "فلسطين".

تتضمن الحلقات بجزئها الأول موضوعات حول اساسيات الكاراتيه، من لحظة التسجيل حتى وصوله للحزام الأصفر، "هذه السلسلة يشرف على محتواها خبراء في اللعبة يتقدمهم شعبان لبد أحد أقدم المدربين في غزة والذي تأسست على يديه (...) ولكن المؤسف أنني أسجلها بإمكانيات بسيطة ونحاول التطوير يوما بعد آخر" خرجت كلماتها ممزوجة بين الأسى والفخر.

أضاف الكابتن بسيسو حلقات مترجمة باللغة الانجليزية، حول سلسلة تعليم رياضة الكاراتيه، والتي حظيت بعشرات آلاف المتابعين، محاولا إيصال التعليم للجميع عبر بعض التطبيقات المنتشرة، ويزيد: "فتحنا باب المتابعة والتعليم عن بعد في ظل الجائحة وأنشأنا مجموعات على تطبيق "واتس أب" لمتابعة المتدربين".

تركز الحلقات على حركات "الدفاع عن النفس"، لكسر حاجز الرهبة لدى الطالبة، هناك "من يخشى الفشل" يردف بسيسو: "فنكسر الحاجز من خلال مشاهدته لحلقات السلسلة؛ مع ترجمة الكلمات باللغة اليابانية للعربية التي تظهر على الشاشة، فضلا عن شرحي عن كل حركة في اللعبة، مما يحفز الطلاب والطالبات على ممارسة هذه الرياضة".

يدعم الكابتن بسيسو أهمية زرع تعلم الرياضة لدى الأطفال منذ الصغر، فهي تعلم الدفاع عن النفس وتفريغ طاقتهم السلبية، "حينما يكبر يجد لديه سيرة ذاتية، ولا يجد نفسه فارغا بدون أي شيء" يقول المدرب: "فمهم الاهتمام بالأطفال بفترة المراهقة برياضة مفيدة، وخوض غمار التحديات والمسابقات الرياضية مما ينمي لديه حب المنافسة في الحياة، والسعي، تحفزه الأحزمة والمراحل الرياضية التي يتخطاها في كل مرحلة".