فلسطين أون لاين

تقرير عائلات فلسطينية تحمي أرضها من الاستيطان بصمود أسطوري

...
فلسطينيون يتصدون لمسيرات للمستوطنين (أرشيف)
قلقيلية/ مصطفى صبري

بات الريف الفلسطيني الواقعة معظم أراضيه في مناطق "ج" في الضفة الغربية المحتلة، هدفًا للاستيطان والمصادرة من الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يترك وسيلة لسلب أراضي الفلسطينيين.

ولم تستسلم العائلات الفلسطينية لمخططات الاحتلال التي تسعى للاستيلاء على الأرض عنوة، وبقوة السلاح، وبصفقات تزوير كما حدث في منطقة خلة حسان في بديا بمحافظة سلفيت، وفي قرية كفر قدوم ومنطقة عسلى عزون وعزون عتمة وقراوية بمحافظة قلقيلية شمال الضفة.

عائلات عائد شملاوي وإخوانه، وعائلة مصباح كليب في بلدة حارس غربي سلفيت، لهما بصمة نجاح في كبح جماح المستوطنين وبقاء الأرض لهم من خلال صمود أسطوري.

صمود في الأرض

رئيس مجلس محلي بلدة حارس عمر سمارة، يقول: إن "هذه العائلات محاطة أراضيها من ثلاث جهات بمشاريع استيطانية منها المنطقة الصناعية ومستوطنتي "أريئيل" و"بروخيم"، وبقي أصحاب الأرض في الجزء الغربي من البلدة متمسكين بأرضهم، فهذا الصمود يشكل نجاحا فلسطينيا أمام بطش الاحتلال ومستوطنيه".

وأضاف سمارة لصحيفة "فلسطين": "هناك مبادرات ظهرت في البلدة من أجل تجسيد ثقافة الصمود على الأرض، فالمستوطن يأتي من مناطق بعيدة ويترك كل شيء من أجل الاستيطان في أرضنا ونحن اصحاب الأرض علينا الصمود عليها وطرد الغرباء منها".

وتابع: "وجودنا في الأرض رسالة واضحة، بأن الأرض هي رأس مالنا وحياتنا ولن نفرط فيها، فالاستيطان يتعمد اقامة مشاريع ضخمة أمام اشجار الزيتون الرومية حتى يخفي معالم الأرض وما تبقى منها".

وفي بلدة بديا شمال غربي سلفيت، يقول المزارع محمد شتات لـ"فلسطين": إن الشركات الاستيطانية تحاول باستمرار السيطرة على الأرض والاستيلاء على مناطق متعددة في مناطق مختلفة منها، مشيرًا إلى محاولات زرع بؤرة استيطانية في أراضي البلدة، وآخرها محاولات السيطرة على المنطقة بين بديا وسنيريا وكفر ثلث في خلة حسان.

وأضاف شتات: أن "ثبات المزارعين في أرضهم والإصرار على البقاء فيها واسترجاع أكثر من مائة دونم تم عقد صفقات مزورة لاستملاكها زاد من وتيرة الصمود والدفاع عن الأرض"، مؤكدًا أن "البقاء في الأرض هو نتاج عملية تراكمية من الصمود والمغامرة وعدم الخوف".

وفي منطقة قرية شوفه جنوبي محافظة طولكرم، يسعى الاحتلال لإقامة منطقة صناعية استيطانية بمساحة 800 دونما، يصمد أصحابها وتساندهم فعاليات مناهضة للاستيطان.

إعمار الأرض

يقول الشاب فتحي صالح من شوفة لـ"فلسطين": "البقاء في الأرض وزراعتها يفشل مخططات الاحتلال، فهم يعتمدون على تصوير الأرض الفارغة على مدار عدة سنوات من الجو، لإثبات أنها مهجورة وغير مستثمرة أمام المحاكم الإسرائيلية، وتتم قرارات المصادرة عليها.

وأَضاف: "نحن كأصحاب أرض لا نتوقف عن زراعة الأشتال ورعايتها بالرغم من قلة المياه ووجود الخنازير التي تدمرها بأجسامها الضخمة، فزراعة الأرض والعناية بها تضع سدا منيعا أمام الاحتلال ومستوطنيه من الاستيلاء على الأرض".

من جانبه، أكد الخبير بشؤون الاستيطان، محمد زيد، أن المزارعون الفلسطينيون حريصون على اعمار أراضيهم حتى لا تكون في مرمى عمليات الاستيلاء والمصادرة الإسرائيلية.

وأوضح زيد لـ"فلسطين"، أن مستوطنة "سلعيت" التي أقيمت على الأراضي المحتلة عام 1948 وامتدت على أراضي عام 1967، كانت حجة المستوطنين بالتوسع شرقا في منطقة كفر صور جنوب طولكرم، أن الأرض فارغة وغير مستعلة، وهم أحق في استغلالها، وبالفعل توسعت بشكل مرعب في تلك الأراضي.

وذكر أن ترك الأرض بدون زراعة أسهل وسيلة للاحتلال في مصادرتها، فالاحتلال يظهر بأنه يقوم بعمارة الأرض والفلسطيني يهجرها ويتركها، مع أن اجراءات الاحتلال في الميدان هي التي تمنع الفلسطيني من عمارة الأرض، فلا توجد مياه ولا يسمح بإقامة أي مشروع عليها وحتى حراثتها يقف الاحتلال سدا منيعا على فلاحة الأرض وخصوصا الأراضي الواقعة خلف الجدار العنصري.

وشدد زيد على أن "صمود الفلسطينيين على أرضهم جعل الاحتلال في حالة إرباك، مشيرًا إلى أن الكثير من العائلات الفلسطينية نجحت في الحفاظ على أراضها من خلال عمارتها والبقاء فيها.