يا فرحة ما تمت، هذا ربما هو التعليق المناسب في هذه اللحظة على ما حملته أخبار أمس عن المصالحة! لقد أرسلت اجتماعات إسطنبول بين فتح وحماس رسائل إيجابية عن المصالحة، ونشرت المؤتمرات الصحفية آمالا عريضة عن قرب تحققها، حتى أننا ظننا أن مباحثات الرجوب كانت أفضل من مباحثات عزام الأحمد في حمل هذا الملف.
ما من شك أن روحا جديدة جيدة تولدت من اجتماعات العاروري الرجوب، حتى قلنا إن هذه المرة مسكونة بجدية، وإننا سنشهد قريبا حفل المصالحة، ومرسوم الانتخابات: المحلية، والتشريعية، والرئاسية، والمجلس الوطني. ولكن أخبار أمس حملت تصريحين، أحدهما للرجوب، والآخر لعزام الأحمد، الأول قال نحن مصرون على التقدم نحو المصالحة، وسنتغلب على العقبات لا محالة، والثاني للثاني اتهم فيه حماس بالتراجع، وأنها لم ترسل ردها حول المصالحة والانتخابات، وأن موسى أبو مرزوق حدثه عن ضرورة تهيئة الأجواء، ومنها الإقرار بشرعية المجلس التشريعي، وصرف مستحقات نواب الشعب، على حدّ تعبير عزام!
إننا إذا جمعنا التصريحين معا، وقاربنا الزمن الذي انقضى على لقاءات إسطنبول، ندرك أن ما كان من تقدم ما زال في إطار الشكل، وبث الأمل، وأن الأمور العملية لا تزال تعاني من المعوقات، واختلاف وجهات النظر، لذا قلنا آسفين: يا فرحة ما تمت! ما أود قوله للطرفين: إن الإمارات العربية المتحدة عقدت صلحا مع (إسرائيل)، وتقدمت نحو إقامة سفارتها في (تل أبيب)، وتحمل الأخبار أنها ستستثمر أموالا كبيرة في مشروع هايتك وادي الجوز في القدس العربية، وهذا السودان الذي شرع اللاءات الثلاث المشهورة:
لا لاحتلال الأرض، لا للاعتراف، لا للمصالحة، يسير نحو توقيع اتفاقية مصالحة وتبادل دبلوماسي وتطبيع مع (إسرائيل)، فهل ما بين هذه الدول من قواسم مشتركة، يتفوق على القواسم المشتركة بين حماس وفتح؟! لماذا ينجح هؤلاء في ظل غضب الشعوب منهم، في حين تفشل فتح وحماس مع تشجيع الشعب لهما على المصالحة والشراكة؟!
حماس وفتح شركاء قضية، وشركاء نضال، وشركاء تاريخ، وشركاء في قيادة الشعب، ولغتهم واحدة، ودينهم واحد، وكلاهما مستهدف من العدو، ومن أتباع العدو، فلماذا يفشلون، وينجح من لا شراكة بينهم وبين (إسرائيل) لا في القضية، ولا في اللغة، ولا في الدين، ولا في التاريخ؟! (إسرائيل) تنجح، والمصالحة الفلسطينية تفشل! أو قل تتراجع عن زخم ما أبدته في إسطنبول! لماذا التراجع؟ هل لأسبابٍ ذاتية، أم لتدخلاتٍ خارجية؟! يا فرحة إن شاء الله تتم...