لأسباب مختلفة، قد تجد الأم نفسها، فجأة، مسؤولة عن تربية أبنائها بمفردها، ودون أب يقوم بدوره في الأسرة، فهو غائب إمّا لسفر، أو انفصال، أو ربما متوفى.. في هذه الحالة كيف للمرأة أن تتعامل مع واقعها؟ وما المعاناة التي قد تواجهها؟
القلق الدائم
تقول الأخصائية النفسية إكرام السعايدة لـ"فلسطين": "لا شك أن غياب الزوج عن الحياة الاجتماعية يترك أثرًا على الأسرة، لا سيما الزوجة، وتتعدد أسباب الغياب منها الوفاة والطلاق والهجر والسفر من أجل العمل، وآثار هذا الغياب تكون على المدى القريب والمدى البعيد".
وتضيف: "من جملة تلك الآثار: شعور الزوجة بالوحدة الخانقة والفراغ العاطفي، واختلال الأمن النفسي عندها، فوجود الزوج يشكل عنصر أمن لدى الأسرة، وقد يوقعها غياب الزوج عن المنزل في دائرة الاستغلال من قبل بعض النفوس المريضة، بالإضافة إلى المسئوليات الجسام الملقاة على عاتق الزوجة، فبغياب الزوج يكون ترك لها إرثًا كبيرا من المهام فهي ستحل محل الأب وبالطبع ستتولى دورها الأساسي كونها الأم".
وتضيف: "مما قد يحدث أيضا، نشوب الخلافات العائلية، والتي قد تكون مع الأبناء، إذ بعضهم بغياب أبيه يشعر وكأنه أضحى بلا راعٍ أو مسئول، وربما تكون مع أهل الزوج، لا سيما التدخلات في حياتها الخاصة وتربية الأبناء".
ولكن مع ذلك ثمة إيجابيات لغياب الأب، وفقا للسعايدة، إذ توضح: "بتحمل الأم لتلك المهام، وكونها الأب والأم في آن واحد يخفف التفكير السلبي عندها، ويجعلها تتمتع بمهارات فائقة في إدارة المنزل والأبناء، فأسلوب التربية يكون واحدا ولا يتشتت الأبناء بين توجيهات الأبوين".
وللتخفيف من حدة غياب الأب، تنصح السعايدة الأم باللجوء إلى التفريغ الانفعالي لما عندها من تراكمات نفسية ناشئة عن غياب العاطفة والقلق النفسي، إلى جانب الرعاية الذاتية، فلا بد أن تهتم السيدة في هذه الحالة بنفسها، من النواحي النفسية والصحية والاجتماعية، وأن تمارس الهوايات والأنشطة التي تشكل مصدرًا لاستغلال الطاقات الكامنة لديها".
وتبين: "من الجيد أن تهتم الزوجة بشبكة العلاقات الاجتماعية، وأن تحرص على التواصل مع الأشخاص الذين يشكلون مصدر دعم وأمان، سواء من داخل الأسرة أو خارجها".
وتقول: "أما فيما يتعلق بتربية الأبناء، فهناك ما يعرف بالأب البديل، وذلك بربط الطفل بأب بديل من الكبار من خلال مؤسسات ودور العبادة ومراكز الرعاية والمدارس، ومن أهم أساليب التعويض للغياب القسري , الإخوة الكبار للطفل أو الاعمام أو الأخوال، كل هذا يعمل على تخفيف معاناة الأبناء وتعويض جزء من احتياجاتهم العاطفية".
وتضيف: "من الضروري احتضان السيدة من قبل المحيط، وبالدرجة الأولى الأهل، وذوي الزوج، والعمل على أن يكونوا عونًا لها في تربية أبنائها وتوفير احتياجاتهم، مع دمجها في المؤسسات المعنية بتقديم الخدمات المختلفة لتلك الفئة من السيدات".