استغلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق المسجد الأقصى بذريعة "كورونا" لتُدخِل خلسةً وتحت حماية أمنية إلى باحاته زوّارًا من دول خليجية طبعت علاقاتها أخيرا مع (تل أبيب).
ومع خلوّ المسجد من المرابطين بسبب إغلاق المسجد، فمَنْ كان منهم في المكان واجه أولئك المطبعين وصدهم ونبذهم لـ"خيانتهم" القضية الفلسطينية، وهو ما يفتح المجال أمام اعتراضات أكثر حدة حال استمرار مثل تلك الزيارات التطبيعية، كما يؤكد مراقبان.
وكان وفد إماراتي تطبيعي مساء الأحد الفائت تجول في رحاب المسجد الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، في حين رجّحت نائب رئيس بلدية القدس الاحتلالية، فلوس ناحوم، أن يدخل سنويًا إلى المدينة المقدسة نحو ربع مليون مسلم من دول الخليج وغيرها، في زيارات تطبيعية.
اقتحام وليس زيارات
المحلل السياسي من القدس راسم عبيدات عد أن مَنْ يأتي للأقصى والصلاة فيه تحت حراب الاحتلال لا يختلف عن المستوطنين الذين يقتحمون المسجد.
وقال عبيدات لـ"فلسطين": "مثل هذه الزيارات والاقتحامات مرفوضة، وهي شكل من أشكال التطبيع بين الأنظمة العربية و(إسرائيل)".
وأضاف: "نقول كمقدسيين إن الدول العربية التي تريد أن تطبع مع الاحتلال إذا أرادت أن تطبع فلتطبع بعيدًا عن الأقصى، فليس من الشرف أن يأتوا بسيارات وحراسة إسرائيلية خلسة".
وأكد أن هناك رفضا من المجتمع المقدسي لهذه الزيارات وفتاوى صدرت عن الشيخين عكرمة صبري ومحمد حسين بتحريم الزيارات التطبيعية للأقصى، عادّا أنه في هذا الحالات فالممانعة المقدسية لتلك الزيارات تمثل جرس إنذار لتلك الدول لتتراجع عن الاستمرار في التطبيع الذي سيكرس سيطرة الاحتلال على الأقصى.
وقال عبيدات: "العرب بهذه الزيارات يؤكدون أن القدس عاصمة لـ(إسرائيل) وأن الأقصى تحت السيطرة الإسرائيلية، فهي شيء خطر جدًا، والمطلوب عربيا وإسلاميا الابتعاد عن مثل هذه المواقف المسيئة لشعبنا، التي تمثل طعنة في ظهر قضيتنا".
وأشار إلى تصدي المقدسيين لتلك الوفود المطبعة وحدوث مشادات حادة بينها وبينهم ومحاولة لطردهم من المكان، قائلاً: "هذا يفتح المجال أمام اندلاع مواجهة محتملة ومتوقعة بين الطرفين لكون الوفود التطبيعية تأتي تحت حماية الاحتلال، فهم لا يختلفون شيئاً عن المستوطنين المتطرفين الذين يقتحمون الأقصى وما يخفف المواجهات معهم حتى الآن أنهم يأتون بأعداد محدودة في أوقات يكون فيها المسجد شبه خالٍ من المرابطين فيأتون بعد صلاة ولا يلبسون لباسهم التقليدي حتى لا يتم التعرف إليهم".
وأضاف: "هذا يدل على تخوفهم فهم بداخلهم يعرفون أن ما يفعلونه ليس صحيحًا، لكننا نشهد للأسف فجورا تطبيعيا وارتماء في حضن الاحتلال الإسرائيلي وتنكر المطبعين لأبناء شعبهم وعقيدتهم".
زيارات خيانية
بدوره عدَّ الخبير في شؤون القدس، الأكاديمي جمال عمرو أن الزيارات العربية التي وصفها بـالخيانية للمسجد الأقصى "محصورة في بعض المتساقطين والعملاء الذين خرجوا عن الإجماع الإسلامي موجهين طعنة للقدس والأمة العربية والإسلامية"، كما قال.
وأضاف عمرو لـ"فلسطين": "لكنهم قلة ونربأ بشعبَي الإمارات والبحرين أن يكونا مؤيدَيْن لهم".
وأشار إلى أن المسؤولين الخليجيين المطبعين مع الاحتلال "هم نذير شؤم وخراب للأمة العربية في ظل جامعة عربية متردية وليسوا أكثر من جواسيس يعملون مع الاحتلال"، وفق تقديره.
وقال عمرو: "هذه الزيارات جس نبض لردة الفعل المقدسية التي كانت حاضرة رغم أن الاحتلال كان قد هيأ المجال للزيارات فأغلق الأقصى أمام المقدسيين بذريعة كورونا، في حين سمح للزوار المطبعين بالدخول".
وأشار إلى أن الاحتلال استغل هذا الحدث إعلاميًا لأبعد مدى ليسوق نفسه على أنه "حامي الحمى" في الأقصى، مضيفًا: "هذه معادلة صراع بين الحق والباطل، فما إن يُعطى الحق متمثلاً بالمقدسيين فرصة فسوف يوجه لكمة للباطل (الزوار المطبعين)".