فلسطين أون لاين

​"ثرثرة إرهابية مع الرئيس"

...
بقلم / د.زهرة خدرج

قرر الرئيس أن ينزل إلى الشارع متنكراً بملابس عامل بناء عادي خارجاً في طلب رزقه ليتعرف عن قرب إلى هموم المواطن، ويعاينها بنفسه.. انطلق ماشياً على أقدامه وحوله ثلاثة فقط من الحرس الشخصي، اكتفى بهم حتى لا يلفت الانتباه إلى نفسه ويثير الشكوك.. ارتدى حرسه ملابس عمال البناء أيضاً ومضوا في سبيلهم.

شاهد من بعيد كهلا يمشي في الشارع متثاقلاً وكأن هموم الدنيا تثقل كاهله، اقترب منه وسأله: أراك حزيناً يا أخي، ماذا بك؟ أجاب الرجل: ألا ترى.. بطالة وفقر وغلاء أسعار وعائلة كبيرة تنتظر قوت يومها.. ثم تأتي لتسألني ما بي؟

عاد الرئيس يسأله: هل بحثت عن عمل؟ أجاب الرجل: وهل لي من وظيفة يومية سوى البحث عن عمل؟ فأنا أمضي ستة أيام في الأسبوع منذ الصباح الباكر إلى ساعات المساء باحثاً عن عمل.

الرئيس: هل تحمل شهادات؟.

الرجل: نعم، أحمل بكالوريوس تربية إسلامية.

الرئيس: هل تقدمت بطلب لوظيفة حكومية؟.

الرجل: تقدمت بطلبات لوزارة التربية، والأوقاف، والشؤون الاجتماعية، والإعلام، وحتى وزارة الشباب والرياضة.

الرئيس: ولم يتم تعيينك؟.

الرجل: لو تم تعييني لما رأيتني الآن في الشارع.

الرئيس: كان في عونك..

الرجل: ولكن، لماذا تتعب نفسك بي وبشؤوني؟، هل لديك واسطة يمكن من خلالها أن يتم تعييني؟.

الرئيس: معاذ الله.. نحن دولة محترمة لا تتعامل بالواسطات.

ضحك الرجل ملء فيه، وأردف يقول: الواسطات هي المعادلة السرية التي تحل جميع المعضلات، لو أن الواسطات لم تُغرق البلد ما كان الرئيس ورئيس الوزراء في مناصبهم الآن.

الرئيس: احترم نفسك يا رجل.. عاطل عن العمل، و"شحاد" وتتطاول على أسيادك؟

الرجل: أسياد مَنْ هؤلاء؟ هؤلاء الذين تنعتهم بالأسياد يعيشون على ظهورنا، أبناؤهم يدخلون أفضل الجامعات الأجنبية على حسابنا، وأبناؤنا في الوقت ذاته لا يتعلمون لضيق حالنا. إذا مرض أحدهم يدخل أفضل المستشفيات في الخارج ونحن نموت هنا لأننا لا نملك ثمن العلاج، يركبون أحدث السيارات، ونحن نسير على أقدامنا حفاة مهلهلي الثياب، قبل أن يكبر أبناؤهم تكون هناك شركات بأسمائهم تنتظرهم أن يديروها ويجنوا أرباحها، ونحن نقاسي البطالة والفاقة والحرمان، بل ونورثها لأبنائنا.. لولا شحاد مثلي ومن أمثالي، ما بقي الرئيس رئيساً، ولا رئيس الوزراء وزيراً!.

هجم الحرس على الرجل، ولقنوه درساً لا أعتقد أنه سينساه ما بقي حياً، وتم اعتقاله للمحاكمة.

ورد خبر عاجل على المواقع الإخبارية: "نجاه الرئيس من مخطط إرهابي بأعجوبة".