فلسطين أون لاين

قانونيان يقللان من إعلان السلطة مقاضاة المستوطنين بمحاكمها

...
غزة/ جمال غيث:

قلَّل خبيران قانونيان من أهمية إعلان وزير العدل في حكومة رام الله محمد شلالدة، بدء مقاضاة مستوطنين إسرائيليين أمام المحاكم الفلسطينية، مؤكدين أن السلطة الفلسطينية غير قادرة على تنفيذ الأحكام بحق المستوطنين بسبب الجرائم التي ارتكبوها.

وأوضح المحللان في أحاديث منفصلة لـ"فلسطين"، أن محاكمة المستوطنين أمام محاكم السلطة، تحتاج إلى دراسة الملف من شتى أبعاده من طاقم فلسطيني متخصص في ظل قواعد القانون الدولي والقانون المحلي الفلسطيني والإسرائيلي.

وكان الوزير "شلالدة"، أعلن الأربعاء الماضي، أن القضاء الفلسطيني سيبدأ في خلال أيام بالنظر في قضايا تخص انتهاكات قام بها المستوطنون بحق فلسطينيين. مبينًا أن العمل جارٍ على جمع الأدلة والإثباتات الجنائية، لرفع أولى القضايا لإدانة مستوطنين معروفة أسماؤهم، بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق مواطنين في البلدة القديمة بالخليل، وبلدة بورين جنوبي نابلس بالضفة الغربية المحتلة.

ويتعرض مواطنون وممتلكاتهم لاعتداءات وأعمال تخريب مكثفة من مستوطنين إسرائيليين، ولا تجد مثل هذه الملفات غالبًا طريقها إلى القضاء الإسرائيلي، وإن حدث، فإنه تصدر بحقهم أحكام مخففة للغاية.

دراسة معمقة

ورأى الخبير القانوني، د. نافذ المدهون، أن على السلطة ألَّا تخطو هذه الخطوة إلا بعد دراستها من طاقم متخصص يكتب التوصيات في إطار دراسة كل الجوانب.

وأوضح المدهون أنه "يجب دراسة تصنيف وأنواع الجرائم التي يجب أن يحاكم المستوطنون عليها أمام القضاء الفلسطيني، إلى جانب دراسة وضع السلطة بعد إعلان الدولة وتنصل الاحتلال من مسؤولياته والتزاماته تجاه اتفاق "أوسلو".

وشدد على ضرورة دراسة جوانب الموضوع بتمعن في ظل قواعد القانون الدولي والقانون المحلي الفلسطيني والإسرائيلي والتحرك بهذا الاتجاه، "أمام عدا ذلك سيكون بمنزلة مغامرات غير مسؤولة قد ندفع ثمنها".

وبين أن محاكمة المستوطنين أمام القضاء الفلسطيني يحمل في طياته أبعادًا حساسة ودقيقة على المستوى السياسي والقضائي، مضيفًا: "من يريد الإقدام على هذه الخطوة لا بد أن يكون ذا دراسة قانونية واضحة في التعامل مع هذه الحالة".

وتساءل الخبير القانوني: هل لدى وزير العدل القدرة والإمكانية لتنفيذ الأحكام بحق المستوطنين؟ أم ستحفظ تلك الأحكام للتاريخ وتبقى حبيسة الأدراج، أم هي محاولة من السلطة في رام الله لإعلان أن اتفاق أوسلو لم يعد قائمًا وأن المستوطنين ملاحقون أمام القضاء الفلسطيني.

اعتراف بـ(إسرائيل)

من جانبه رأى أستاذ القانون الدولي د. حنا عيسى، أن محاكمة المستوطنين أمام القضاء الفلسطيني بمنزلة اعتراف بوجودهم على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقال عيسى لصحيفة "فلسطين": إنه "ليس من حق القضاء الوطني النظر في جرائم المستوطنين وخاصة أننا دولة غير محررة ولا تمتلك السيادة على أرضها، فعلينا التوجه إلى القانون الدولي الإنساني لا إلى القانون الوطني".

وتابع: "القانون الوطني مخصص للمواطنين ومن يملكون الجنسية ويعيشون على أرضها بموافقة السلطة"، داعيًا للحيطة والحذر من الانزلاق في تصريحات قد لا تؤدي إلى أية نتيجة، ودراسة الملف من كل جوانبه.

وحث السلطة على جمع المعلومات وإعداد الملفات القانونية لرفعها إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكة الاحتلال على الجرائم التي ارتكبها، "فالجرائم لا تسقط مع مرور الزمن".

وأعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، مطلع مايو/ أيار الماضي، أن للمحكمة صلاحية التحقيق في جرائم حرب محتملة بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولفت عيسى إلى أن الاحتلال لن يعطي أي أهمية لتصريحات وزير العدل الفلسطيني بخصوص محاكمة المستوطنين، لأنه لا يملك القدرة على إحضارهم أو التحقيق معهم أو محاكمتهم.

ودعا السلطة لعدم التسرع وإطلاق التصريحات التي لا تسمن ولا تغنى من جوع، والتي قد تسهم في تعريض القضية الفلسطينية للضرر ويكون لها أبعاد مؤسفة، قد ندفع ثمنها.

المصدر / فلسطين أون لاين