فلسطين أون لاين

ما مقدار زكاة الزيتون إذا بلغ النصاب؟

...
غزة- مريم الشوبكي:

ينتظر الفلسطينيون موسم الزيتون من عام إلى آخر، وهو من الثمار والمزروعات التي تصنف وتوجب فيها الزكاة، ولكن هناك كثير من الأسئلة تثار في كل موسم، عن نصاب الزكاة ومقدارها، وهل هناك زكاة في زيت الزيتون أيضًا؟، وهل يختلف المقدار إذا كان الزيتون في أرض مستأجرة أو مشتركًا؟

أستاذ الفقه وأصوله بكلية الدعوة الإسلامية د. عبد الباري خلة يبين أن الزيتون من الزروع والثمار، واختلف أهل العلم في حكم زكاة الزيتون أو الزيت، ولكن الراجح أنه يجب زكاتهما إذا بلغا النصاب لقولِ اللهِ (تعالَى): "وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ" (الأنعام: 141).

ويوضح خلة لصحيفة "فلسطين" أن نصاب زكاة الزيتون أو الزيت هو خمسة أوسق أي ما يعادل 650 كيلوجرام فيجب فيه الزكاة، لحديثِ أَبِي سعيدٍ الخدْريِّ (رضيَ اللهُ عنهُ) أنَّ رسولَ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) قالَ: "وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" (متفقٌ عليهِ).

ويشير إلى أنه في البلاد نصاب الزكاة يكون 7.5% لأنه يسقى شجر الزيتون من السماء في موسم، والموسم الذي يليه من الدولاب أو (موتور) المياه، وعند قطف الزيتون يجب أن يعطى منه الفقراء والجيران والأقارب حيث يكون التكافل الاجتماعي.

نفقات الزراعة

بدوره يذكر نائب عميد الجامعة الإسلامية - فرع الجنوب د. محمد سليمان الفرا أن القدر الواجب في زكاة الزيتون هو كما يأتي: إذا كان شجر الزيتون يسقى بماء المطر, أو يشرب بعروقه الممتدة في الأرض دون تكلفة زائدة، وهوَ البعلي، وقد بلغ ثمره نصابًا، وجب على صاحبه أن يخرج عشر نتاج ثمره (10%).

أما إذا كان يسقى بأجرة وتكلفة يبين الفرا أن الواجب نصف العشر (5 %), وإذا سقي نصف حاجته بماء المطر، والنصف الآخر بأجرة وتكلفة؛ فالواجب ثلاثة أرباع العشر (7.5 %).

ويوضح أنه إذا سقي بأحدهما أكثر من الآخر فالحكم للأكثر، لحديث عبد الله بن عمر (رضي اللهُ عنهُما) أن رسول الله (صلَّى الله عليه وسلَّم) قال: "فِيْمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ" (أخرجهُ البخاريُّ)، والعَثَرِيُّ: هُو الشَّجَرُ الذِي يَشْربُ الماءَ بِعُرُوقِهِ المُمتدَّةِ فِي الأَرضِ، دونَ أنْ يَسقِيَهُ أحدٌ، وكأَنَّهُ يَعْثُرُ عَلَى المَاءِ بِنَفسِهِ، والنَّضْحُ: هُو نقلُ الماءِ إلَى المَزْروعَاتِ والمَغْروسَاتِ علَى الحيواناتِ، أو بالآلاتِ، وخراطيمِ المياهِ والتنقيطِ، وهُوَ مَا يُعرفُ عندِ العوامِّ بالتفتوف، ونحوِها.

وعن جواز خصم نفقات الزراعة وغيرها من نصاب الزكاة، يجيب الفرا: "يجب على المُزكي أن يخرج الزكاة عن جميع المحصول, فلا تخصم النفقات المتعلقة بسقي الشجر مطلقًا، فقد روعيت في المقدار الواجب إخراجه، بتخفيفه إلى النصف".

ويضيف: "أما النفقات المتعلقة بشراء السماد والمبيدات لوقاية المحصول من الآفات، ومؤونة الجذاذ والحصاد، فإنها تخصم من المحصول قبل حساب النصاب، على الراجح من أقوال أهل العلم, ودليل ذلك قول ابنِ عباسٍ (رضيَ اللهُ عنهُمَا): "يَقْضِي مَا أَنْفَقَ عَلَى الثَّمَرَةِ، ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَقِيَ" (أخرجه البيهقيُّ)، ولما في ذلك من تخفيف عن المزارعين".

ويشير الفرا إلى أن الزكاة تؤخذ من الزيتون زيتًا بعد عصره، وهو الأفضل، وإذا لم يعصره أخرج زكاته حبًّا، ومن باعه، وأخرج الزكاة نقدًا بالقيمة فلا حرج عليه.

أما عن حكم الزكاة في الزيتون الذي يباع على شجره فيشدد على أنه لا يجوز بيع الزيتون على الشجر (المسمى في بلادنا الضمان) إلا بعد بدو صلاحه، واشتداد حبه، وتجب الزكاة في هذه الحالة على المالك وحده، لأن الزكاة تجب في الزيتون عند انعقاد الثمر، وقد انعقد عند المالك، فوجبت الزكاة في حقه، وبناء عليه يجب على المالك أن يستثني مقدار الزكاة من الصفقة فلا يبيعه للمشتري (الضامن)، أو يخرج زكاة زيتونه بالقيمة.

هناك زيتون مشترك وآخر مغروس في الأرض المستأجرة، فما الحكم فيه؟، يرد الفرا: "إذا كان شجر الزيتون مشتركًا، فإن ثمره يعد مالًا واحدًا، وتجب فيه الزكاة، كأنه لشخص واحد، فإذا بلغ النصاب قبل قسمته وجبت فيه الزكاة، لعموم قوله (عليه الصلاة والسلام): "لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ، وَلاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ؛ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" (أخرجهُ أبو داود)".

ويكمل قائلًا: "فإذا أخذ كل واحد نصيبه من الثمر أخرج القدر الواجب حسب حصته، إلا إذا اتفقوا على إخراج الزكاة قبل القسمة وهو أولى، وإذا استأجر الشخص أرضًا فغرسها زيتونًا، فإن زكاة الثمر تجب عليه دون مالك الأرض، لأن الثمر له، لا لصاحب الأرض".

أما عن مصارف زكاة الزيتون فيبين الفرا أنها تصرف في الأصناف الثمانية الواردة في قوله تعالى: "إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (سورة التوبة: 60).

ويختم: "إن الزكاة لا تعطى للأصول، كالأب والأم، والجد والجدة، ولا تعطى للفروع، كالأبناء وأبنائهم، سواء ذكورًا كانوا أم إناثًا، ويجوز إعطاؤها للإخوة والأخوات، ما لم يكونوا في كفالته، وتجب نفقتهم عليه، وتعطى الزكاة لأزواج البنات، وأزواج الأخوات، وسائر الأقارب، بشرط أن يكونوا محتاجين، وهي حالئذٍ صدقة وصلة رحم، فيكون ثوابها أعظم عند الله (تعالى)".