فلسطين أون لاين

زياد النخالة وامتشاق فكرة السلام

...

من تعريفات الخطاب السياسي أنه فعل يحمل أفكاراً ومبادئ وتوجهات سياسية بقالب لغوي وبلاغي مع تميز بالترابط والتماسك والوضوح. وهذا التميز كان حاضراً في كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الأستاذ زياد النخالة، بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لانطلاقة الحركة التي أحيتها هذا العام تحت عنوان: "القدس موعدنا".

وقد حملت الكلمة التي نقلت مقتطفات منها وسائل إعلام فلسطينية وعربية وعالمية رسائل عدة، انطلاقًا من فلسطين، باسمها المطلق والعصي على التفتيت والتقسيم، وأيضاً رسائل إلى أبطال الانتفاضة والمقاومة الذين ابتكروا وأضافوا إلى أحلام المضطهدين أفقاً جديداً مشرفاً للشهداء وفلسطين بمساحتها الثابتة من النهر إلى البحر.

وفي إطار التمسك بالمقاومة لتحرير فلسطين، كهدف وطني وإستراتيجي لا مساومة عليه، أكد النخالة في كلمته على القناعة الدائمة بأن الشعوب العربية والإسلامية هي مع القدس وفلسطين على الرغْم من حالة التشتت، وأوهام السلام، لدى بعض أنظمة التطبيع التي وبسببها تقدم (إسرائيل) نفسها دولة عظمى، وما حولها قبائل متخلفة، يسهل إخضاعها وتمزيقها والسيطرة عليها، وإعطاؤها حبوب منع الرؤيا والاستسلام.

فالكيان الصهيوني لا يطلب السلام، بل يسعى لفرض شروطه، وتعزيز موقعه، وكسر الحاجز النفسي عبر التطبيع، وفرض نفسه كأمر واقع، وصولاً لتشكيل تحالفات معه، لإنهاء فلسطين والأمة، هوية وتاريخًا وفكرًا ومستقبلًا وثقافة.

من هنا نرى الموقف من "التسوية" في كلمة أمين عام حركة الجهاد الإسلامي ثابتاً وواضحاً ودائمًا ونهائيًّا، غير خاضع للتراجع أو المساومة حتى ولو اعترف العالم كله بـ"إسرائيل". فهو بنظره كيان غاصب يعيش أزمة وجودية، ومولود غير طبيعي، وغير قابل للحياة. لذلك يؤكد على الاستمرار بالمقاومة مهما بلغت التضحيات، وهو يعمل على بناء التحالفات التي من شأنها تعزيز قدرات المقاومة كي تؤدي واجباتها، وتقوم بمسؤولياتها في مواجهة الاحتلال. 

ومن هنا نراه في كلمته، يشدد فلسطينياً على وحدة الشعب والموقف الرافض تحويل الوهم إلى حقيقة، مطالباً بإنجاز وحدة وطنية ترفض الاعتراف بشرعية الاحتلال، وكذلك عربياً، يدعو إلى العودة إلى فلسطين والقدس، كقضية مركزية، والالتزام بما يمليه الواجب الديني والأخوي والإنساني، تجاه عدالة وقدسية القضية الفلسطينية.. وأيضاً يؤكد وعبر الإدراك العميق لجوهر الحركة الصهيونية وجوهر الكيان الصهيوني واحتلاله لفلسطين، بأن الخيارات المتاحة ليست كثيرة بل هناك خيار وحيد، وهو الانتفاضة والمقاومة التي لا تشكل تعارضًا مع فكرة السلام بل تسعى إلى تحقيقه عبر تطوير أدوات المقاومة والقبض على الزناد، لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، برؤية وطنية أصيلة منبثقة من هموم وتطلعات وآمال الشعب الفلسطيني وثوابته غير القابلة للتصرف أو التبديل أو التغيير.

وفي ختام كلمته كقائد يحمل البندقية والخريطة والقلم، ويعرف تضاريس الجهاد والوطن، حمَّل العدو مسؤولية حياة الأسرى، وخص بالاسم الأسير ماهر الأخرس وقال: على العدو أن يفهم تماماً ما أقول.

المصدر / بقلم: حمزة البشتاوي / كاتب وإعلامي فلسطيني في بيروت