كشف تحقيق صحفي عن شبهة اختلاس بقيمة 5 ملايين شيكل في إحدى أكبر بلديات شمال الضفة الغربية، معتبراً أن ضعف أنظمة الضبط الداخلي والرقابة والحوسبة وفرت بيئة وظروف مناسبة لوقوع عمليات الاختلاس.
وقال التحقيق الذي نشره موقع وكالة وطن للأنباء: على مدار شهرين من البحث والتقصي، وفي 15 أغسطس/ آب الماضي، تلقّي معد التحقيق اتصالًا هاتفيًا من رقمٍ خاص، لمتحدثٍ مجهول، يفيد بوقوع عملية اختلاسٍ في إحدى أكبر البلديات في محافظات شمال الضفة (تحفظ الموقع عن ذكر اسمها لاعتبارات قانونية ومهنية)، تمت من قبل عدد من الإداريين والجباة، واستمرت لنحو سبعة أعوام دون حسيب أو رقيب، ونتج عنها سرقة ملايين الشواكل.
وذكر الموقع أن رئيس البلدية الحالي، أكد بدوره وجود "شبهة الاختلاس"، حين كشف أن (10) موظفين من مدراء أقسام وجباة، متهمين باختلاس مبلغٍ تتجاوز قيمته الخمسة ملايين شيكل.
رئيس البلدية رفض تقديم أي تفاصيل أخرى حول القضية، مكتفيًا بالإشارة إلى أن موظفي ديوان الرقابة المالية والإدارية، دققوا الملفات المالية والإدارية للبلدية خلال العام 2019، وسلموه تقريرًا مفصلًا مع نهاية العام الماضي، "يوثق شبهة فساد مالي حدثت خلال فترة عدد من المجالس السابقة للهيئة المحلية"، قائلًا: "الجباة والمدراء المتهمون، ينتمون إلى عائلات متنفذة ومعروفة، وقد جرى توقيفهم جميعًا عن العمل فور تسلم التقرير".
تأكيد الرقابة
كما أكد مدير عام الإدارة العامة للرقابة على وحدات الحكم المحلي عمر عبد اللطيف ياسين، وجود شبهة فساد مالي داخل البلدية المشار إليها، حيث كشف أن مدققي الديوان وجدوا ضعفًا كبيرًا في الإجراءات الإدارية والمالية، وخصوصًا في أنظمة الرقابة الداخلية، وأنظمة الحوسبة المستخدمة في داخلها.
وأوضح أن بعض المسؤولين الماليين والجباة، استغلوا الثغرات الموجودة في تلك الأنظمة لاختلاس أموال البلدية والمواطنين، تحقيقًا لمصلحتهم الشخصية على مدار عدة سنوات، دون أن يكشفهم أحد.
وأفاد ياسين بأن عمليات إساءة الائتمان والاختلاس، حدثت في إيرادات إيجار ممتلكات البلدية، وإيرادات النفايات التي يدفعها المواطنون، وبدل جباية أثمان المياه، عبر التلاعب في الفواتير والإيصالات، إضافة إلى تزوير فواتير اليافطات الإعلانية، "حيث كانت تسجل مساحة اليافطة على سبيل المثال (10) أمتار، في حين تبلغ مساحتها الحقيقية (30) مترًا مربعًا، وكان الفارق في المساحة والذي يترجم ماليًّا، يختلسه الجابي أو رئيس القسم" يضيف.
وشدد ياسين على أن عمليات الاختلاس التي امتدت على مدار سنوات طويلة، كبّدت البلدية أموالًا طائلة، ذهبت هدَرًا من خزينتها، "رغم حاجة الهيئة المحلية لكل فلس، بسبب تدهور وضعها المالي، وهو الأمر الذي أثر سلبًا على الخدمات المقدمة للجمهور".
وأضاف: "أحد الجباة على سبيل المثال اختلس وحده مبلغ (188) ألف دينار أردني، أي ما يعادل (940) ألف شيكل، عبر تزوير الإيصالات، بينما اختلس آخر (56) ألف شيكل"، مبينًا أن تدقيق ديوان الرقابة المالية والإدارية نتج عنه تقرير مفصل بمعظم عمليات التكسب والاختلاس، وليس جميعها، فيما تمت إحالة الملف إلى هيئة مكافحة الفساد لاتخاذ المقتضى القانوني.
وتابع: "كما تم مراسلة البلدية وبشكل عاجل لسد كل الثغرات المالية والإدارية، لضمان منع تكرار جرائم الفساد داخل أروقتها".
ومضى ياسين إلى القول: "الفساد موجود ومنتشر، والمال السايب بعلم السرقة، وعدم وضع أنظمة رقابية داخل المؤسسة، يسهم في الانتشار الكبير لظاهرة سرقة أموال الهيئات المحلية".
وشدد على أهمية تعزيز تواجد وإشراف وتوجيه وزارة الحكم المحلي، على الهيئات المحلية بشكل أكبر، "وهذا الأمر ضعيف، وغير كافٍ، بدليل حجم التجاوزات الكبيرة التي نراها"- بحسب قوله.
وخلال عام 2019، بلغ عدد التقارير الرقابية الصادرة عن الإدارة العامة للرقابة على وحدات الحكم المحلي (65) تقريرًا رقابيًا صدرت بناءً على شكاوى مواطنين، وطلبات بالتدقيق من وزارات ومؤسسات، وقد حُول (11) تقريرًا منها إلى هيئة مكافحة الفساد.

