فلسطين أون لاين

"ناجون".. "المُنتصرة جُمانة" تخط قصص "أبطال السرطان"

...
غزة -هدى الدلو:

يومًا ما كانت بطلة قصة حكايتها المرض والوجع والصراع مع السرطان، الذي حاربته بكل بسالة وقوة بفعل الدعم والتشجيع حتى سجلت هدفًا في مرماه منتصرة عليه، حينها أدركت أهمية الكلمة في نفس ذلك المحارب ليقوى في معركته، فاختارت جمانة أن تكون القشة التي يتعلق بها الغريق، وبعد عامين من مواجهته تخطت المرحلة بسلام، أدركت حينها أثر الكلمة في تعزيز قوة المريض في مواجهة السرطان، ومن هنا كانت فكرة "ناجون".

الشابة العشرينية جمانة الشوا طالبة علم حاسوب في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية، تقول: "لو أردت أن أعرف نفسي بعيدًا عن ذلك فباختصار أنا صاحبة كلمة".

استثمرت ذلك في طرح فكرة "ناجون" التي جاءت بعد مراحل من دعم مرضى السرطان، فهو نتاج لعديد من الأشياء التي تمثلت بدايتها في مرضها وإصابتها به، وعملها في دعم مرضى آخرين، ومشاركتها في مؤتمر "تيدكس"، والكتابة على جدار صفحتها في (فيس بوك).

في سن الـ16، بدت عليها حالة الإعياء والمرض، دعاها الأمر لأن تتنقل بين عدة أطباء لتضع يدها على وجعها، وفي النهاية صدمت: "أنتِ مصابة سرطان"، وكانت تحتاج إلى علاج للتخلص من الكتل السرطانية في الغدة الدرقية.

"لقد كانت أيامًا صعبة، كان الأمر بحاجة إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الخبيث، وزاد الأمر سوءًا عندما انتقل إلى العضلة، فقد يصبح الشفاء احتماليته ضعيفة"، وفق قول جمانة.

وتشير إلى أنها واجهت مشكلة بسبب حصار الاحتلال قطاع غزة، ما صعب عليها ممارسة حقها في العلاج في الخارج، وبعد محاولات عديدة باءت بالفشل نجحت في السفر إلى الأردن لإجراء عملية جراحية، وبعد أسبوع من إجرائها بشرها طبيبها بأنها شفيت تمامًا.

عن التجربة التي مرت بها جمانة، ومعايشتها المرض والوجع بكل تفاصيله، وملامستها مدى أثر الكلمة على الشخص المصاب، تتابع: "أنا شفت الإشي بنفسي كيف كلمة ممكن تكون قشة بتنقذ غريق، مريض السرطان يواجه مشكلة جسدية وأخرى نفسية يتناساها كثيرون ويشكل التغلب عليها ٨٠٪ من العلاج".

وتوضح أن إدراك هذا الجانب مهم، وأبسط شيء ممكن تقديمه للمصاب وهو بمراحل علاجه حتى خروجه من مرحلة السرطان والعودة لحياته الطبيعية هو دعمه نفسيًّا: "أيقنت أثر الكلمة في النفوس لدى الأصحاء والمرضى، فعندما تصلهم رسائل قوة تدعم حياتهم، ولذلك إيمانًا مني بقوة رسالتي (الكلمة) أخذت على نفسي دعمهم من طريق (السوشيال ميديا) في الكتابة عبر (ناجون)".

و"ناجون" حملة إلكترونية لا تزال ترى النور رويدًا رويدًا، فهي في بداياتها ولكن ستعمل على تطويرها، وقد انطلقت في أكتوبر الوردي بفكرة مستدامة، وستنشر شهريًّا أربع قصص لمرضى السرطان من مختلف الأعمار، وبالجانب الآخر تعمل على التوعية بسرطان الثدي والحث على الكشف المبكر.

وتحاول جمانة محادثة المصابين والاستماع لقصصهم، ثم كتابتها وتدوينها بأسلوبها، وترى أن جميع القصص تصلح للنشر، لكون كل بطل قصة يحمل رسالة، ولها مغزى مهم لا بد أن يصل للناس.

الأمل هو الخيار الوحيد أمام المرضى ليتمسكوا به، ولينجوا من "شبح السرطان"، فكثيرون رحلوا في لحظات ضعف ولم يجدوا داعمًا لنفوسهم المتعبة، وبعضٌ الحزن والموت يطاردهم في كل دقيقة، لذلك إن الدعم النفسي هو خط العلاج لتغيير مجرى حياتهم.

بث الأمل

تلامس جمانة مشاعرهم: "تصلني كل أحاسيسهم، وأشعر بقدراتهم في إعطاء قوتهم وبث الأمل في نفوس غيرهم، حتى إن بعضهم أطلق مبادرات فعلية على أرض الواقع ليدعموا بها المرضى الآخرين".

موهبتها بالكتابة في سن صغيرة هي ما أسعفها، فقررت توظيفها في دعم الناس نفسيًّا، بداية بالشعر ثم الخواطر والمقالات، وأطلقت وسم باسم جمانة الشوا لتقدم القليل من النصح والطاقة فيه في مجالات خاصة بمهارات الحياة.

وتبين أنها في مدة مرضها لم تنشر أي شيء، وبعد الشفاء أصبحت أكثر وعيًا، ولديها قدرة على التعامل معه، فانطلقت بـ"ناجون" لتستعرض قصصًا لمرضى سرطان، سواء أكرمهم الله بالشفاء أم ما زالوا في حربهم، أو قصص أطباء عاشوا معارك السرطان مع مرضاهم.

وتتابع جمانة حديثها: "هدفي هو الدعم النفسي لجميع الفئات التي تضررت نفسيًّا من السرطان المرضى وغير المرضى، إضافة إلى تعزيز الرسائل الإيجابية الحاملة الأمل من طريق القصص التي تنشر".

وفي أكتوبر الوردي توجه رسالتها: "الجؤوا إلى الفحص المبكر، فكل مرض اكتشافه في بدايته يرفع معدل الشفاء، والنساء اللواتي أصبن في المرض لا تخافن؛ فالندوب التي أصابتكن من السرطان هي علامات فخر وانتصار في حروبكن".