قضية عادلة ومحامون فاشلون. من هذا الموجز المركب من قضيتين: عدالة القضية الفلسطينية أولًا، وقادتها الفلسطينيون ثانيًا، انطلق الأمير بندر بن سلطان، سفير السعودية السابق في الهجوم على الفلسطينيين شرقًا وغربًا، حديثًا وقديمًا.
الرجل السفير المخضرم قفز عن لغة الدبلوماسية التي يتقنها في التعامل مع قادة أميركا والغرب، واستخدم لغة الشتائم، والتخوين، والتجارة، في هجومه على قادة النضال الوطني الفلسطيني بعد النكبة الفلسطينية وحتى تاريخه. الرجل هاجم الفلسطينيين في ثلاث حلقات متوالية على فضائية العربية، نبش فيها أكاذيب قذرة دفنتها الأيام ونسيها العالم.
السفير بندر يرى أن قادة النضال الفلسطيني كذابون، غشاشون، يراهنون على الطرف الخاسر دوما، بداية من الحاج أمين الحسيني الذي راهن على ألمانيا هتلر لمقاومة بريطانيا والصهيونية، وأبو عمار راهن على صدام حسين حين أيد احتلال العراق، إلى حماس التي تراهن على إيران وتركيا الآن. حماس وفتح يعقدان محادثات مصالحة في تركيا، وهما الطرفان اللذان نقضا اتفاق مكة برعاية الملك عبد الله، بعد أن أقسما وهما بجوار الكعبة على احترام المصالحة؟!
كان السفير لدى أميركا بندر بن سلطان في يكرر في كل محور من حديثه، وفي كل تهمة اتهمها لقادة فلسطين، معادلة: قضية عادلة ومحامون فاشلون؟! وكأن معادلته هذه هي الماء الذي يزلع به الغاص بالطعام طعامه المرّ بين الفينة والأخرى. حتى إنني بت أكرر معه العبارة المعادلة، لأن فيها مبنى منطقيًّا بالنظر إلى النتائج التاريخية فقط، ولكن المؤسف أنه يخص بمعادلته هذه قادة فلسطين، دون قادة العرب؟! فهل هو محق في هذا التخصيص الخداع؟!
الجواب المباشر: لا. هو ليس محق البتة، فإذا كانت القضية فلسطينية بشكل صرف، فقادتها الفلسطينيون فاشلون، وإذا كانت القضية فلسطينية عربية معًا، فقادة العرب والفلسطينيين معًا منذ النكبة وحتى تاريخه فاشلون فشلًا جماعيًّا. قادة العرب هم من حاربوا العصابات الصهيونية في عام ١٩٤٨ وفشلوا في حربهم، وهم الذين منحوا اليهود فرصة تأسيس دولتهم وتقويتها بمنع العمل الفدائي الفلسطيني من أراضي غزة والضفة، وهم الذي دخلوا حرب ١٩٦٧م وفشلوا فيها فشلًا ذريعًا انعكس سلبًا على القضية الفلسطينية، وهم الذين اعترفوا بحق إسرائيل في الوجود على ٧٨٪ من أرض فلسطين المحتلة، وهم الذين فشلوا في استثمار النصر الجزئي في حرب عام ١٩٧٣، وذهبوا لعقد اتفاقية كامب ديفيد ووادي عربة، وهم الذين فشلوا في بناء دولة قطرية صناعية، وعسكرية متقدمة كدولة اليهود النووية، والتي هي الأقوى عسكريًّا في المنطقة، وهم، وهم، وهم، ويطول نبش سجل فشلهم، وبهذا يكونون شركاء في الفشل، ومن ثمة نقول معادلتنا المقابلة لمعادلة بندر: قضية عربية عادلة وملوك ورؤساء فاشلون؟! هم مسئولون عن الفشل، كما قادة فلسطين مسئولون أيضا، فلا ترمني بدائك وتنسل منه، لتخدع شباب العصر ممن لم يقرؤوا التاريخ جيدًا.